The Divine Attributes: Definition and Classification

Muhammad ibn Khalifa Al-Tamimi d. Unknown

The Divine Attributes: Definition and Classification

الصفات الإلهية تعريفها، أقسامها

Yayıncı

أضواء السلف،الرياض

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

الصفات الإلهية تعريفها وأقسامها إعداد: د. محمد بن خليفة بن علي التميمي الأستاذ المشارك في كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران ١٠٢] . ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء ١] . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب ٧١ - ٧٢] . أما بعد فإن شرف العلم تابع لشرف المعلوم، ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السماوات والأرضين، الملك الحق المبين، الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص، وعن كل تشبيه وتمثيل في كماله. ولا ريب أن العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأفضلها، ونسبته إلى

1 / 3

سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات١. وكما أنه أجل العلوم وأشرفها وأعظمها، فهو أصلها كلها، فكل علم هو تابع للعلم به، مفتقر في تحقيق ذاته إليه، فالعلم به أصلُ كل علم ومنشؤه، فمن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، فعلى أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها، فلا حياة للقلوب ولا نعيم، ولا سرور، ولا أمان، ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها ويكون أحب إليها مما سواه، والإنسان بدون الإيمان بالله لا يمكنه أن ينال معرفة ولا هداية، وبدون اهتدائه إلى ربه لا يكون إلا شقيًا معذبًا، كما هو حال الكافرين. لذلك فإن من في قلبه أدنى حياة أو محبة لربه، وإرادة لوجهه وشوق إلى لقائه، فطلبه لهذا الباب وحرصه على معرفته وازدياده من التبصر فيه، وسؤاله واستكشافه عنه هو أكبر مقاصده، وأعظم مطالبه، وأجل غاياته، فهذا هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه؛ وله خُلِقَ الخلق؛ ولأجله نزل الوحي؛ وأرسلت الرسل؛ وقامت السماوات والأرض؛ ووجدت الجنة والنار، ولأجله شرعت الشرائع، وأسست الملة، ونصبت القبلة، وهو قطب رحى الخلق، والأمر الذي مداره عليه. وهو بحق أفضل ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس، وأدركته العقول، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شييء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بشييء أعظم من

١ انظر: مفتاح دار السعادة ١/٨٦.

1 / 4

فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه١. وبابٌ هذه أهميته حريّ بأن تُوْلَى مسائلهُ ومباحثهُ حقها من العناية والاهتمام والدراسة، وإن من بين مباحث هذا الباب مسألة: "تعريف الصفات الإلهية وبيان أقسامها". فأحببت تناول هذه الجزئية بالبحث آخذًا في الاعتبار إعطاء الأهمية لتحرير قول أهل السنة والجماعة في المسألة مع الإشارة إلى أقوال المخالفين بحسب ما تدعو إليه الحاجة وذلك في فصلين تسبقهما مقدمة وتعقبهما خاتمة وفهارس فنيّة: المقدمة. الفصل الأول: تعريف الصفات والعلاقة بينها وبين باب الأسماء وباب الإخبار، وتحته ثلاثة مباحث: المبحث الأول: تعريف الصفات، وضَمَّ مطلبين: المطلب الأول: تعريف الصفات. المطلب الثاني: الفرق بين الوصف والصفة. المبحث الثاني: أنواع المضافات إلى الله، وانتظم ثلاثة مطالب: المطلب الأول: التعريف بالنوعين. المطلب الثاني: أقوال العلماء في تقرير المسألة. المطلب الثالث: موقف المخالفين من المسألة. المبحث الثالث: العلاقة بين باب الصفات وباب الأسماء وباب الإخبار، وفيه مطلبان:

١ انظر: الفتوى الحموية الكبرى ص ٢٨-٢٩.

1 / 5

المطلب الأول: العلاقة بين الأبواب الثلاثة. المطلب الثاني: الألفاظ المجملة وحكم دخولها في باب الصفات وموقف أهل السنة من استعمالها. الفصل الثاني: أقسام الصفات، وهو في مبحثين: المبحث الأول: أقسام الصفات عند أهل السنة والجماعة، واحتوى مطلبين: المطلب الأول: أقسام الصفات عمومًا. المطلب الثاني: أقسام الصفات الثبوتية. المبحث الثاني: أقسام الصفات عند المخالفين، واشتمل مطلبين: المطلب الأول: أقسام الصفات عند من ينكر جميع الصفات الثبوتية. المطلب الثاني: أقسام الصفات عند من يثبت بعض الصفات وينكر بعضها. وختمت ذلك بخاتمة وثبت للمراجع وآخر للموضوعات، وإني لا أدعي أني وصلت بهذا البحث إلى درجة الكمال، ولكن حسبي أني اجتهدت، فإن وفقت فذلك فضل من الله وحده، وإن كان غير ذلك، فهذا من طبيعة البشر، فأرجو ممن وقف على شييء من ذلك أن يبادرني بالنصيحة، وأسأل الله ﷿ أن يتقبل مني هذا الجهد وأن يجعله عملًا صالحًا ولوجهه خالصًا، وأن لا يجعل لأحد فيه شيئا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

1 / 6

الفصل الأول: تعريف الصفات والعلاقة بينها وبين باب الأسماء وباب الإخبار المبحث الأول: تعريف الصفات المطلب الأول: تعريف الصفات ... المطلب الأول: تعريف الصفات. حدود الأشياء وتفسيرها الذي يوضحها، تتقدم أحكامها، فإن الحكم على الأشياء فرع عن تصورها. فمن حكم على أمر من الأمور - قبل أن يحيط علمه بتفسيره، ويتصوره تصورًا يميزه عن غيره - أخطأ خطأً فاحشًا١. فلابد عند الحكم على الشييء من أن يكون مسبوقًا بتصور ماهية المحكوم عليه والمحكوم به، فإن كل تصديق بشييء لابد أن يكون مسبوقًا بتصور٢. والغرض من وضع الحدود والتعريفات هو التمييز بين المحدود وبين غيره من جهة. وكذلك فإن من وظيفته تفصيل ما دل عليه الاسم بالإجمال، فالحدود والتعريفات تساعد على تصور حقيقة المحدود، ولذلك كان من شرطها أن تكون جامعة مانعة. فلابد أن يكون الحد جامعًا حتى يتصور السامع حقيقة المحدود، ولابد كذلك أن يكون مانعًا ليتميز المحدود عن غيره٣. ومن هذا المنطلق لابد من تعريف للصفات يساعد على تصور مضمون هذا اللفظ من جهة ويحدد الفروق بين الصفة والاسم من جهة، وبين الصفة والخبر

١ انظر التوضيح والبيان لشجرة الإيمان ص ٧. ٢ التصور: إدراك المفردات، كإدراك لفظ (محمد) وكذلك إدراك لفظ (رسول) . وأما التصديق: فهو إدراك نسبة الرسالة لمحمد وتصديقك لهذه النسبة. ٣ درء تعارض العقل والنقل ٣/٣١٩، ٣٢٠ (بتصرف) .

1 / 11

من جهة أخرى؛ كما يحدد الفرق بين ما يضاف إلى الله إضافة صفة وما يضاف إلى الله إضافة تشريف وتكريم والتعريف الذي سأذكره هاهنا هو تعريف الصفات الثبوتية، وأما تعريف الصفات السلبية (أي المنفية) فسيأتي عند ذكر أقسام الصفات. ضابط الصفات: هي ما قام بالذات الإلهية مما يميزها عن غيرها، ووردت به نصوص الكتاب والسنة. شرح مفردات التعريف: أ- "ما قام بالذات" يخرج من هذا التقييد ما كان من إضافة المُلْك والتشريف، إذ الإضافة إلى الله نوعان: النوع الأول: إضافة مُلْك وتشريف وضابطها: كل ما يضاف إلى الله ويكون عينًا قائمة بنفسها، أو حالًا في ذلك القائم بنفسه. ومثال ما يضاف ويكون عينًا قائمة بنفسها قوله تعالى: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ ١. ومثال ما يكون حالًا في ذلك القائم بنفسه قوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ ٢ فهذا لا يكون صفة لأن الصفة قائمة بالموصوف. النوع الثاني: إضافة الصفة إلى الله وضابطها: ما كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به٣ وهي المقصودة هنا. فالله لا يتصف إلا بما قام به لا بما يخلقه في غيره، وهذا حقيقة الصفة، فإن كل موصوف لا يوصف إلا بما قام به لا بما هو مباين له، صفة لغيره٤. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما إضافة الوصف إلى الله فتعريفها: ما

١ الآية ١٣ من سورة الشمس. ٢ الآية ٢٩ من سورة الحجر. ٣ مجموع الفتاوى ١٧/١٥٢. ٤ مجموع الفتاوى ٦/٣١٨.

1 / 12

كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به"١ أي قبل الإضافة والتخصيص. ومن فوائد هذا التقييد الرد على زعم الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم الذين زعموا أن الصفة هي مجرد قول الواصف٢، فزعموا أن إضافة الصفات هي إضافة وصف من غير قيام معنى به٣ وهذا باطل، فإن حقيقة الصفة هي ما قام بالموصوف، فإن كل موصوف لا يوصف إلا بما قام به لا بما هو مباين له٤. أـ "بالذات الإلهية" لفظ "الذات" في أصل اللغة تأنيث ذو، وهذا اللفظ لا يستعمل إلا فيما كان مضافًا إلى غيره كأسماء الأجناس، ويتوصلون به إلى الوصف بذلك فيقال: فلان ذو علم وذو مال وشرف. وحيث جاء لفظ ذو في القرآن أو لغة العرب وكذا لفظ "ذات" لم يجىء مقرونا إلا بالإضافة كقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ ٥ وقوله: ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ ٦، وقول خُبيب ﵁ الذي في صحيح البخاري وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع٧ فاسم الذات في كلام النبي ﷺ، والصحابة، والعربية المحضة بهذا المعنى.

١ رسالة العقل والروح مطبوعة ضمن الرسائل المنيرية ٢/٣٨، ٣٩. ٢ انظر مجموع الفتاوى ٦/٣١٨، ٣٤١. ٣ انظر مجموع الفتاوى ٦/١٤٧، ١٤٨. ٤ انظر مجموع الفتاوى ٦/٣١٨. ٥ الآية ١ من سورة الأنفال. ٦ الآية ٧ من سورة المائدة. ٧ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله ﷿ ح ٧٤٠٢

1 / 13

ثم أطلقه المتكلمون وغيرهم على النَّفْس، فإنهم لما وجدوا الله في القرآن قال: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ ١، ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَه﴾ ٢ وصفوها فقالوا: نفس ذات علم، وقدرة، ورحمة، ومشيئة، ونحو ذلك. ثم حذفوا الموصوف وعرفوا الصفة فقالوا: الذات. وهي كلمة مولدة ليست من العربية العرباء. فهذا لفظ يقتضي وجود صفات تضاف الذات إليها٣، فأطلق بإزاء النفس٤. ب - "مما يميزها عن غيرها" في هذا إشارة إلى وظيفة الصفة، فالله ﷿ وصف نفسه بصفات كثيرة، تَعَرَّفَ بها إلى عباده، وهذه الصفات هي التي تميز الخالق ﷿ عما سواه وتُظْهِرُ للعباد كمال الرب ﷿ وعظمة شأنه، وجلال قدرته، وتزيد العبد معرفة بالله ﷿، ولا شك أن حاجة الناس إلى معرفة ربهم هي أعظم الحاجات، ولذلك تَعَرَّفَ الله لعباده بصفاته، ليكون ذكرهم له أعظم وأكثر، "وكلما كانت حاجة الناس إلى معرفة الشييء وذكره أشد وأكثر، كانت معرفتهم به وذكرهم له أعظم وأكثر، وكانت طرق معرفته أكثر وأظهر، وكانت الأسماء المعرِّفة له أكثر، وكانت على معانيه أدل"٥. وهذا الشأن حاصل في باب أسماء الله وصفاته، فالله هو أجل معلوم

١ الآية ١١٦ من سورة المائدة. ٢ الآية ٢٨ من سورة آل عمران. ٣مجموع الفتاوى ٦/٩٨، ٣٤١ (بتصرف) . ٤ وانظر درء تعارض العقل والنقل ٤/١٤٠، ١٤١. ٥ درء تعارض العقل والنقل ٣/٣٣٠.

1 / 14

وأعظمه وأكبره. ولذلك كان العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأشرفها وأعظمها، فمن عرف الله عرف ما سواه ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، فالعلم بالله أصل كل علم وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد والجهل به أصل شقاوته١. وعلى أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها. فالمعرفة لله تَلْزَمُ العبد المؤمن لينعقد بها أصل الإيمان ولتجعله في سلامة من الكفر والشرك المخرجين من الإيمان. جـ - "ووردت به نصوص الكتاب والسنة" أي يجب الوقوف في هذا الباب على ما جاءت به نصوص الكتاب والسنة الصحيحة، فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته. قال الإمام أحمد: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ﷺ لا يُتَجاوز القرآن والحديث"٢. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "القول الشامل في جميع هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يُتَجاوز القرآن والحديث"٣. ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفات ثلاثة أوجه:

١ مفتاح دار السعادة ١/٨٦. ٢ مجموع الفتاوى ٥/٢٦. ٣ الفتوى الحموية ص ٦١.

1 / 15

الوجه الأول: التصريح بالصفة. كالعزة في قوله تعالى: ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ ١. وقوله ﷺ: "أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت"٢. والقوة في قوله تعالى: ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ ٣. والرحمة في قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ ٤. واليدين في قوله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ ٥. والبطش في قوله تعالى: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ ٦. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إضافة الصفة إلى الموصوف كقوله تعالى: ﴿ولا يحيطون بشيء من علمه﴾ ٧، وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ﴾ ٨، وفي حديث الاستخارة "اللهم إني أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك" ٩، وفي الحديث الآخر "اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق" ١٠، فهذا في الإضافة الاسمية. وأما بصيغة الفعل فكقوله: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ ١١، وقوله ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ ١٢. أما الخبر الذي هو جملة اسمية فمثل قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ١٣، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ١٤.

١ الآية ١٠ من سورة البقرة. ٢ أخرجه البخاري ٤/١٩٤، ومسلم ٤/٢٠٨٦. ٣ الآية ١٦٥ من سورة البقرة. ٤ الآية ١٣٣ من سورة الأنعام. ٥ الآية ٦٤ من سورة المائدة. ٦ الآية ١٢ من سورة البروج. ٧ الآية ٢٥٥ من سورة البقرة.

1 / 16

وذلك لأن الكلام الذي توصف به الذوات: ١- إما جملة ٢- أو مفرد فالجملة إما اسمية: كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ . أو فعلية: كقوله: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوه﴾ . أما المفرد فلا بد فيه من: ١ـ إضافة الصفة لفظًا أو معنى كقوله: ﴿بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ وقوله: ﴿هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّة﴾ ١. ٢ـ أو إضافة الموصوف كقوله: ﴿ذُو الْقُوَّة﴾ ٢"٣. الوجه الثاني: تضمن الاسم للصفة. فمن الأمور المتقررة في عقيدة أهل السنة والجماعة أن أسماء الله الحسنى متضمنة للصفات، فكل اسم يدل على معنى من صفاته ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر. فالعزيز متضمن لصفة العزة وهو مشتق منها. والخالق متضمن لصفة الخلق وهو مشتق منها. والرحيم متضمن لصفة الرحمة وهو مشتق منها. فأسماء الله مشتقة من صفاته. وترجع أسماء الله الحسنى من حيث معانيها إلى أحد الأمور التالية: ١- إلى صفات معنوية: كالعليم، والقدير، والسميع، والبصير. ٢- ما يرجع إلى أفعاله: كالخالق، والرازق، والبارئ، والمصور. ٣- ما يرجع إلى التنزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتًا إذ لا كمال في العدم

١ الآية ١٥ من سورة فصلت. ٢ الآية ٥٨ من سورة الذاريات. ٣ مجموع الفتاوى ٦/١٤٤، ١٤٥.

1 / 17

المحض: كالقدوس، والسلام، والأحد. ٤- ما دل على جملة أوصاف عديدة ولم يختص بصفة معينة بل هو دال على معنى مفرد نحو: المجيد، العظيم، الصمد١ الوجه الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها أي ما فيها معنى الصفة والفعل مثل قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ ٢. وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ٣. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ ٤. وقوله تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ ٥. وقوله تعالى: ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾ ٦. وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَه﴾ ٧. وقوله تعالى: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ ٨. وقوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ﴾ ٩. وقوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ ١٠. وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش﴾ ١١. وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ ١٢. وبما تقدم من شرح لمفردات التعريف أرى أنه هذا التعريف هو المناسب لتعريف الصفات والله أعلم.

١ بدائع الفوائد ١/١٥٩، ١٦٠ (بتصرف) . ٢ الآية ١٦٤ من سورة النساء. ٣ الآية ٨٢ من سورة يس. ٤ الآية ١ من سورة المائدة. ٥ الآية ١٤ من سورة الحج. ٦ الآية ٩٣ من سورة النساء. ٧ الآية ٢٨ من سورة محمد. ٨ الآية ١١٩ من سورة المائدة.

1 / 18

المطلب الثاني: الفرق بين الوصف والصفة كل واحد من لفظ "الوصف" و"الصفة" مصدر في الأصل كـ "الوعد –والعِدَة" و"الوزن- والزِنة"١. فالصفة: مصدر وصفتُ الشييء أصفه صفة٢. والوصف والصفة: ١- تارة يراد به: الكلام الذي يوصف به الموصوف، مثاله: قول الصحابي في ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ٣: أحبها لأنها صفة الرحمن٤. ٢- وتارة يراد به: المعاني التي دل عليها الكلام كالعلم والقدرة، والجهمية والمعتزلة وغيرهم تنكر هذا ويقولون: إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، فقالوا: إن إضافة الصفات إلى الله من إضافة وصف من غير قيام معنى به٥. والكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية قد يفرقون بين الوصف والصفة، فيجعلون الوصف: هو القول، والصفة: المعنى القائم بالموصوف٦.

١ مجموع الفتاوى ٣/٣٣٥. ٢ مجموع الفتاوى ٦/٣٤٠. ٣ الآية ١ من سورة الإخلاص. ٤ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي ﷺ أمته إلى توحيد الله ﵎، ح ٧٣٧٥ ولفظ البخاري " فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها". ٥ مجموع الفتاوى ٦/١٤٧-١٤٨. ٦ مجموع الفتاوى ٣/٣٣٥. ٦/٣٤١.التمهيد للباقلاني (ص ٢٤٤-٢٤٥) .

1 / 19

فأدخلوا في الوصف (الذي هو القول عندهم) صفات الأفعال حتى ينفوا قيامها بالذات. وأدخلوا في الصفة (التي هي المعنى القائم بالذات) ما أثبتوه من الصفات كصفات المعاني السبعة (العلم، الحياة، القدرة، الإرادة، السمع، البصر، الكلام) ليتأتى لهم على هذا التقسيم اعتبار بعض الصفات قائمًا بالذات، وبعضها غير قائم بها، فأرادوا بذلك نفي صفات الأفعال واعتبروها نسبًا وإضافات لا تقوم بالذات. قال ابن القيم في الرد على زعمهم هذا: سيم هذا مقتضى البرهان ... فالحق أن الوصف ليس بمورد التق بالذات التي للواحد الرحمن ... بل مورد التقسيم ما قد قام فهذي قسمة التبيان م الفعل بالموصوف بالبرهان ... فهما إذا نوعان أوصاف وأفعال فالوصف بالأفعال يستدعي قيا أن بين دينك قط من فرقان ... كالوصف بالمعنى سوى الأفعال ما ... فالحق أن مورد القسمة هو نفس ما يقوم بالذات، فيقال إن ما يقوم بالذات ويكون وصفًا لها، إما أن يكون: ١- صفة معنى لازمًا للذات. ٢ـ وإما أن يكون صفة فعل. والوصف بالفعل يستدعي قيام الفعل بالموصوف، كالوصف بالمعنى سواء بسواء. فإذا كان وصفه سبحانه بأنه عليم، قدير، حي، ... الخ، يقتضي قيام العلم والقدرة والحياة به.

1 / 20

فكذلك وصفه بأنه خالق أو رازق أو مقدم أو مؤخر يقتضي قيام هذه الأفعال من الخلق والرزق والتقديم والتأخير ونحوها به١. "ومن قال الصفات تنقسم إلى صفات ذاتية وفعلية، ولم يجعل الأفعال تقوم به، فكلامه فيه تلبيس، فإنه سبحانه لا يوصف بشييء لا يقوم به. وإن سلم أنه يتصف بما لا يقوم به فهذا هو أصل الجهمية الذين يصفونه بمخلوقاته ويقولون: إنه متكلم مريد وراض وغضبان ومحب ومبغض وراحم للمخلوقات يخلقها منفصلة عنه لا بأمور تقوم بذاته"٢.

١ انظر شرح القصيدة النونية للهراس ٢/١٢١ ٢ شرح العقيدة الأصفهانية ص٦٣

1 / 21

المبحث الثاني: أنواع المضافات إلى الله المطلب الأول: التعريف بالنوعين ... المطلب الأول: التعريف بالنوعين يجب التفريق بين نوعين من الإضافة وردا في النصوص هما: الأول: إضافة ملك. الثاني: إضافة وصف. ١- أما إضافة الملك فتعريفها: هي كل ما يضاف إلى الله ويكون عينًا قائمة بنفسها، أو حالًا في ذلك القائم بنفسه ومن أمثلتها: ١- قوله تعالى: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ ١، فإضافة الناقة إلى الله هنا من إضافة الملك والتشريف فالناقة عين قائمة بنفسها. ٢-قوله تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا﴾ ٢، فالروح هنا هو جبريل ﵇. ٣-قوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ ٣. ٤-وقوله تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ ٤. ٥-وقوله تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ ٥. ٦-وقوله تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُول﴾ ٦.

١ الآية ١٣ من سورة الشمس. ٢ الآيات ١٧-١٨-١٩ من سورة مريم. ٣ الآية ٢٩ من سورة الحجر. ٤ الآيات ٧-٨-٩ من سورة السجدة. ٥ الآية ٢٦ من سورة الحج. ٦ الآية ٧ من سورة الحشر.

1 / 25

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن المضاف إن كان شيئا قائمًا بنفسه أو حالًاّ في ذلك القائم بنفسه، فهذا لا يكون صفة لله، لأن الصفة قائمة بالموصوف. فالأعيان التي خلقها الله قائمة بأنفسها، وصفاتها القائمة بها تمتنع أن تكون صفات لله، فإضافتها إليه تتضمن كونها مخلوقة مملوكة، لكن أضيفت لنوع من الاختصاص المقتضي للإضافة لا لكونها صفة، والروح الذي هو جبريل من هذا الباب، كما أن الكعبة والناقة من هذا الباب، ومال الله من هذا الباب، وروح بني آدم من هذا"١. وأما إضافة الوصف إلى الله فتعريفها: ما كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به٢. فإذا كان المضاف إليه لا يقوم بنفسه، بل لا يكون إلا صفة كالعلم، والقدرة، والكلام، والرضا، والغضب، فهذا لا يكون إلا إضافة صفة إليه فتكون قائمة به سبحانه٣. ومن أمثلة هذا القسم: قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ ٤، فالكلام لا يقوم بنفسه إلا بالمتكلم فإضافته إلى المتكلم إضافة صفة إلى موصوفها. وقوله تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِه﴾ ٥، فإضافة العلم إلى الله إضافة صفة إلى موصوفها.

١ مجموع الفتاوى ١٧/١٥١. ٢ رسالة العقل والروح (مطبوعة ضمن الرسائل المنبرية ٢/٣٨،٣٩) . ٣ مجموع الفتاوى ١٧/١٥٢. ٤ الآية ٦ من سورة التوبة. ٥ الآية ١٦٦ من سورة النساء.

1 / 26

وفي الحديث: "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك" ١، فعلمه صفة قائمة به وقدرته صفة قائمة به. وفي الحديث: " أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك" ٢، فرضاه وسخطه قائم به، وكذلك عفوه وعقوبته. وأما أثر ذلك وهو ما يحصل للعبد من النعمة واندفاع النقمة فذلك مخلوق منفصل عنه ليس صفة له٣. تنبيه: وقد يعبر بلفظ المصدر عن المفعول به فيسمى المعلوم علمًا والمقدور قدرة والمأمور أمرًا والمخلوق بالكلمة كلمة فيكون ذلك مخلوقًا ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ ٤ والمراد بالأمر هنا المخلوق المكوَّن بالأمر. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ ٥. وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ ٦ فإذا قيل المسيح "كلمة الله" فمعناه المخلوق بالكلمة، إذ المسيح نفسه ليس كلامًا٧.

١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، ح ١١٦٢. ٢ أخرجه مسلم في صحيحه ١/٣٥٢. ٣ مجموع الفتاوى ١٧/١٥٢. ٤ الآية ١ من سورة النحل. ٥ الآية ٤٥ من سورة آل عمران. ٦ الآية ١٧١ من سورة النساء. ٧ مجموع الفتاوى ١٧/١٥٢

1 / 27

وكقوله في الحديث الصحيح للجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي" كما قال للنار: "أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها"١. فالرحمة هنا عين قائمة بنفسها لا يمكن أن تكون صفة لغيرها٢.

١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب قوله: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ ح ٤٨٥. وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء ٨/١٥١، طبعة دار المعرفة. ٢ مجموع الفتاوى ١٧/١٥٢

1 / 28

المطلب الثاني: أقوال العلماء في تقرير المسألة قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ما ذكر في القرآن أنه منه أو أضيف إليه، فإن كان عينا قائمة بنفسها، أوأمرًا قائمًا بتلك العين كان مخلوقا. كقوله في عيسى: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ ١ وقوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ ٢ وقوله تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ ٣. وأما ما كان صفة لا تقوم بنفسها، ولم يذكر لها محل غير الله كان صفة له، فكالقول، والعلم، والأمر إذا أريد به المصدر كان المصدر من هذا الباب كقوله تعالى: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ ٤ وإذا أريد به المخلوق المكون بالأمر كان من الأول كقوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ ٥. وبهذا يفرق بين كلام الله سبحانه، وعلم الله، وبين عبد الله وبيت الله وناقة الله وقوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾ ٦. وهذا أمر معقول في الخطاب، فإذا قلت علم فلان وكلامه ومشيئته لم يكن شيئا بائنًا عنه، والسبب في ذلك أن هذه الأمور صفات لما تقوم به، فإذا أضيفت إليه كان ذلك إضافة صفة لموصوف، إذ لو قامت بغيره لكانت صفة لذلك الغير لا لغيره"٧. وقال ﵀: "إضافة الروح إلى الله إضافة ملك لا إضافة وصف، إذ كل

١ الآية ١٧١ من سورة النساء. ٢ الآية ١٣ من سورة الجاثية. ٣ الآية ٥٣ من سورة النحل. ٤ الآية ٥٤ من سورة الأعراف. ٥ الآية ١ من سورة النحل. ٦ الآية ١٧ من سورة مريم. ٧ شرح العقيدة الأصفهانية ص٦٦،٦٧.

1 / 29