The Constitution of Ethics in the Quran
دستور الأخلاق في القرآن
Yayıncı
مؤسسة الرسالة
Baskı Numarası
العاشرة ١٤١٨ هـ
Yayın Yılı
١٩٩٨ م
Türler
الأولى تأتينا المسئولية من داخلنا، فالمرء يجعل من نفسه مسئولًا عن عمل لم يكلفه به أحد. أما في الحالتين الأخريين فنحن نتلقى المسئولية من خارجنا.
ولكن سواء أكان المرء مسئولًا أمام نفسه، أم أمام الإنسان، أم أمام الله سبحانه فإن حكم المسئولية يصدر دائمًا بوساطة نفس السلطة التي أصدرت الأمر أولًا.
ومن هنا نجد ثلاثة أنواع من المسئولية: المسئولية الدينية، والمسئولية الاجتماعية، والمسئولية الأخلاقية المحضة.
وإن القرآن ليذكر هذه الثلاثة مجتمعة في هذا النظام في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ١.
ونستطيع أن نقول، بمعنى معين: إن كل مسئولية هي مسئولية أخلاقية، متى ارتضيناها؛ فالمسئولية التي يحملنا إياها غيرنا تصبح بمجرد قبولنا لها مطلبًا صادرًا عن شخصنا. وإذن فليس من المستغرب أن نرى القرآن يقدم لنا المسئولية الدينية ذاتها في صورة مسئولية أخلاقية محضة، حين يقول بمناسبة بعض التعاليم المتعلقة بالصوم المفروض، وقد تحايل بعض الناس على التخلص منه سرًّا: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ ٢. وفي كثير من الأحيان لا يكتفي الكتاب، حين يستحث المؤمنين إلى الطاعة، بأن يذكرهم بالأمر الإلهي، بل يذكرهم، في الوقت نفسه، بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم بأن يطيعوا هذا الأمر: ﴿وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾ ٣، ﴿إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ ٤.
فعلى حين نستطيع أن نتصور بالنسبة إلى غير المؤمن مسئولية تفرض عليه
١ الأنفال: ٢٧. ٢ البقرة: ١٨٧. ٣ الحديد: ٨. ٤ المائدة: ٧.
1 / 141