بها بناء على عهد رسول الله ﷺ، يستتر به النبي ﷺ!! وقد زجر ﷺ أن يصلّي المصلي إلا إلى سترة، فكيف يفعل ما يزجر عنه ﷺ؟!» (١) .
قلت: وعدم وجود البناء لا يمنع من اتخاذ السترة، وقد وقع التصريح بذلك في حديث ابن عباس ﵄.
فعن ابن عباس قال: «يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار» (٢) .
وورد عنه من طريق آخر صحيح أنه قال:
«ركزت العنزة بين يدي رسول الله ﷺ بعرفات، وصلّى إليها، والحمار من وراء العنزة» (٣) .
قال ابن التركماني:
«قلت: لا يلزم من عدم الجدار، عدم السترة، ولا أدري ما وجه الدليل في رواية مالك على أنه صلى إلى غير سترة» (٤) .
نقول بعد ما تقدم:
[١/١٥] تبيّن لنا بوضوحٍ: خطأ مَنْ يصلّي ولم يستتر بسترةٍ بين يديه، حتى لو أمن مرور الناس، أو كان في فضاء، ولا فرق بين مكة وغيرها في أحكام السّترة على الإطلاق (٥)
(١) ١ (صحيح ابن خزيمة: (٢/٢٧-٢٨) .
(٢) ٢ (أخرجه البخاري في «الصحيح»: رقم (٧٦) و(٤٩٣) و(٨٦١) و(١٨٥٧) و(٤٤١٢) وأحمد في «المسند»: (١/٣٤٢) ومالك في «الموطأ»: (١/١٣١) وغيرهم.
(٣) ٣ (أخرجه أحمد في «المسند»: (١/٢٤٣) وابن خزيمة في «الصحيح»: (٨٤٠) والطبراني في «المعجم الكبير»: (١١/٢٤٣) وإسناد أحمد حسن.
(٤) ٤ (الجوهر النقي: (٢/٢٧٣) . وانظر ردودًا أخرى في «أحكام السترة»: (ص ٨٨ وما بعدها) .
(٥) ٥ (انظر معتمد القائلين بأنه لا سترة بمكة، وأنه يجوز - هنالك- المرور بين يدي المصلين والرد عليه في «سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة»: رقم (٩٢٨) وكتاب «أحكام السترة في مكة وغيرها»: (ص ٤٦-٤٨) و(ص ١٢٠-١٢٦)، وتقييد المرور بالضرورة أمر لا مندوجة عنه، وخصوصًا في حالة الازدحام الشديد، وقد قال به الحافظ ابن حجر في «الفتح»: (١/٥٧٦) والزرقاني في «شرحه على مختصر خليل»: (١/٢٠٩)، والله اعلم.