The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
Yayıncı
دار ابن القيم بالإسكندرية
Türler
ثُمَّ عَلَى الْمُلُوكِ بَعْدَ ذَلِكَ تَعَهُّدُ (١) عُمَّالِهِمْ وَتَفَقُّدُ أُمُورِهِمْ، حَتَّى لاَ يَخْفَى عَلَيْهِمْ إِحْسَانُ مُحْسِنٍ، وَلاَ إِسَاءَةُ مُسِيءٍ.
ثُمَّ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ لاَ يَتْرُكُوا مُحْسِنًا بِغَيْرِ جَزَاءٍ، وَلاَ يُقِرُّوا مُسِيئًا وَلاَ عَاجِزًا عَلَى الْإِسَاءَةِ وَالْعَجْزِ. فَإِنَّهُمْ إِنْ تَرَكُوا ذَلِكَ؛ تَهَاوَنَ الْمُحْسِنُ، وَاجْتَرَأَ الْمُسِيءُ، وَفَسَدَ الْأَمْرُ، وَضَاعَ الْعَمَلُ.
اقْتِصَارُ السَّعْيِ إِبْقَاءٌ لِلْجَمَامِ (٢). وَفِي بُعْدِ الْهِمَّةِ يَكُونُ النَّصَبُ (٣). وَمَنْ سَأَلَ فَوْقَ قَدْرِهِ (٤) اسْتَحَقَّ الْحِرْمَانَ (٥). وَسُوءُ حَمْلِ الْغِنَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْفَرَحِ مَرِحًا. وَسُوءُ حَمْلِ الْفَاقَةِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الطَّلَبِ شَرِهًا (٦). وَعَارُ الْفَقْرِ
_________
(١) في "ك": [تَعَاهُدُ].
(٢) الْجَمَام - بالفتح: الرَّاحَة.
(٣) النَّصَب: الإعياء والتعب. وقد نظم أبو الطيب المتنبي هذا المعنى، فقال:
وَإِذا كانَتِ النُّفُوسُ كِبَارًا ... تَعِبَتْ فِي مُرَادِهَا الْأَجْسَامُ
وقال الرضي:
ولكل جسم في النحول بلية ... وبلاء جسمي من تفاوت همتي
وقال ابن الجوزي: «مَا ابْتُلِيَ الإنسان قَطُّ بأعظمَ من علو همته. فإنَّ مَنْ علت همتُهُ يختار المعالي، وقد لا يساعد الزمان، وقد تضعف الآلة؛ فيبقى في عذاب».
(٤) في "ك": [فوق قُدْرَتِهِ].
(٥) وصى عبد الله بن الأهتم ابنه فقال: «يا بني! لا تطلب الحوائج من غير أهلها، ولا تطلبها فى غير حينها، ولا تطلب ما لست له مُسْتَحِقًّا؛ فإنك إن فعلت ذلك كنت بالحرمان حَقِيقًا» أورده الإمام الماوردي ﵀ في كتابه " أدب الدنيا والدين".
(٦) الشَّرَهُ: غَلَبَةُ الْحِرْصِ، وقد شَرِهَ الرَّجُلُ فهو شَرِهٌ.
1 / 37