151

The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

Türler

وقال الأكْثَرُون: الْمُرَاد بِالوَفَاة ها هُنا النَّوم، كما قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [الأنعام: ٦٠]، وقَال تَعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا) [الزمر: ٤٢] الآية (^١). وممن نَقَل القَول بالتَّقْدِيم والتَّأخِير: الثعالبي، فإنه أوْرَد قَول الفَرَّاء: هِي وَفَاة مَوْت، ولكنَّ الْمَعْنَى: إِنِّي مُتَوَفِّيك في آخِر أمْرِك عِند نُزُولِك وقَتْلِك الدَّجَّال. فَفِي الكَلام تَقْدِيم وتَأخِير (^٢). واخْتَار القَاسمي أنَّ مَعْنى (مُتَوَفِّيكَ) أي: مُسْتَوفِي مُدّة إقَامَتك بَين قَومِك. والتَّوفِّي كما يُطلَق على الإمَاتة، كَذلك يُطْلَق على اسْتِيفَاء الشَّيء. كما في كُتُب اللُّغَة (^٣). وأشَارَ إلى الأقْوال الأُخْرَى، وذَكَر تَرْجِيحَه، فَقَال: في قَوله: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) وُجُوه في التَّأويل كَثِيرة، إلَّا أنَّ الذي فَتَح الْمَولَى بِه مما أسْلَفْنا هُو أرْجَح التَّأويلات (^٤). رأي الباحث: الآية تَحْتَمِل أكْثَر مِنْ وَجْه، فـ: الوَجْه الأوَّل: القَول بالتَّقْدِيم والتَّأخِير، وهو مَرويّ عن ابن عباس، وبِه قال غَير واحِد مِنْ الْمُفَسِّرِين. والْمَعْنَى عَلى هَذا القَول: إنِّي رَافِعُك إليّ ومُتَوفِّيك بَعْد إنْزَالِك إلى الأرْض، أي في آخِر الزَّمَان.

(^١) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٣/ ٦٩، ٧٠). (^٢) الجواهر الحسان، مرجع سابق (١/ ٢٧٢). (^٣) محاسن التأويل، مرجع سابق (٤/ ٣٧٠). (^٤) المرجع السابق (٤/ ٣٧١، ٣٧٢).

1 / 151