The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
Türler
والتَّقْدِيم والتَّأخِير قِسْمَان:
الأوَّل: ما أشْكَل مَعْنَاه بِحَسب الظَّاهِر، فَلَمّا عُرِف أنه مِنْ بَاب التَّأخِير والتَّقْدِيم اتّضَح.
وقد تَعَرَّض السَّلَف لِذلك في آيات، فأخْرَج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [التوبة: ٥٥] قال: هذا مِنْ تَقَادِيم الكَلام، يَقول: لا تُعجِبك أمْوالهم ولا أوْلادهم في الْحَياة الدُّنيا، إنما يُرِيد الله ليُعذِّبَهم بها في الآخِرَة.
الثاني: ما لَيْس كَذلِك. وقد ألَّف فيه العلامة شمس الدين بن الصائغ كِتَابه "المقدِّمَة في سِرّ الألْفَاظ الْمُتَقَدِّمة" (^١)، قال فيه: الْحِكْمَة الشَّائعَة الذَّائعَة في ذَلك الاهْتِمَام كما قال سِيبَويه في كِتَابِه، كأنَّهم يُقدِّمون الذي بَيَانه أهَمّ، وهُم بِبَيَانِه أعْنَى (^٢)
أمَّا أسْبَاب التَّقْدِيم والتَّأخِير فَيَرَى ابن الصَّائغ أنها تَدُور عَلى عَشَرة أسْبَاب:
١ - التَّبَرُّك، كَتَقْدِيم اسْم الله في الأمُور ذَوات الشَّأن.
٢ - التَّعظِيم.
٣ - التَّشْرِيف.
٤ - الْمُنَاسَبَة؛ وهي إمَّا مُنَاسَبة الْمُتَقَدِّم لِسِيَاق الكَلام، وإمَّا مُنَاسَبَة لَفْظ هو مِنْ التَّقدّم أو التَّأخُّر.
٥ - الْحَثّ عليه والْحَضّ على القِيام بِه حَذَرًا مِنْ التَّهَاون به، كَتَقْدِيم الوَصِيَّة على الدَّين.
٦ - السَّبْق، وهو إمَّا في الزَّمَان باعْتِبَار الإيجاد، كَتَقْدِيم الليل على النَّهار، والظُّلُمَات على النُّور، وآدَم على نُوح … أَوْ باعْتِبَار الإنْزَال، أو بِاعْتِبَار الوُجُوب والتَّكْلِيف، أو بالذَّات.
(^١) وذَكَرَه حَاجِي خَليفة بِاسْم: "مُقَدِّمَة في سِرّ الألْفَاظ الْمُتَقَدِّمَة" قال: لابن الصائغ محمد بن عبد الرحمن الحلبي، سنة ٧٧٢ اثنتين وسبعين وسبعمائة. (كشف الظنون ٢/ ١٨٠٣). (^٢) مُعْتَرَك الأقْرَان، مرجع سابق (١/ ١٧١ - ١٧٣).
1 / 130