• سبب الخلاف:
مِنْ خلالِ النظرِ في الأقوالِ، وما استدلوا به، يظهرُ لي أنَّ سببَ الخلافِ عائدٌ إلى المقدارِ الذي تتحقق معه معرفة القرآن.
فأصحابُ القولِ الأولِ، قالوا: القدرُ الذي تتحقق معه معرفةُ القرآنِ، هو العلمُ بمواطنِ الآياتِ.
وأصحابُ القولِ الثاني، قالوا: القدرُ الذي تتحقق معه معرفةُ القرآنِ، هو حفظُه.
الشرط الثاني: معرفةُ السُنةِ النبويةِ.
تعدُّ السنةُ النبويةُ المصدر الثاني مِنْ مصادرِ الشريعةِ الإسلاميةِ، وتأتي في المرتبةِ الثانيةِ بعد القرآنِ الكريمِ.
والسنةُ عند الأصوليين: ما أُثِرَ عن النبي ﷺ مِنْ قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ (^١).
يقولُ إمامُ الحرمينِ الجويني - في معرضِ حديثِه عن اشتراطِ معرفةِ السنةِ للمجتهدِ -: "فهي - أيْ: السنن - القاعدةُ الكبرى؛ فإنَّ معظمَ أصولِ التكاليفِ متلقى مِنْ أقوالِ الرسولِ ﷺ، وأفعالِه، وفنونِ أحوالِه، ومعظمُ آي الكتابِ لا يستقلُّ دونَ بيانِ الرسولِ" (^٢).
ولمعرفة السنة النبوية جانبان:
الأول: السندُ الذي يُروى به الحديثُ النبويُّ.
ويتعلّقُ به ثبوتُ الحديثِ النبوي، ويُسَمَّى معرفة السنةِ روايةً.
الثاني: لفظُ الحديثِ النبويّ.
(^١) انظر: أصول السرخسي (١/ ١١٣)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ١٦٣)، وفواتح الرحموت (٢/ ٩٧)، وشرح الكوكب المنير (٢/ ١٦٠).
(^٢) الغياثي (ص/ ٤٠٠).