İslam Devrimi ve Peygamberlerin Kahramanı: Ebu'l Kasım Muhammed bin Abdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Türler
أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون (سورة الطور).
ومما لا شك فيه أن الحجازيين من العرب عانوا في وطنهم ما صبغ حياتهم الاجتماعية بصبغة تخالف صبغة أهل اليمن والحيرة والشام؛ لأن الحجاز إقليم طبيعته تخالف طبيعة تلك البلاد؛ فلم تقم فيه حياة اجتماعية متحضرة كالتي قامت في اليمن والعراق، بل غلبت على أهله البداوة وما يتصل بها من أخلاق وعادات، وقد قعدت طبيعة الحجاز بأهله عن مجاراة غيرهم في الحياة الاجتماعية، وصرفتهم إلى مقتضيات الحياة المادية؛ فكانوا بدوا معاندين أميين، ألفوا الظعن والارتحال، جفاة لا ينقادون إلى الحق من قريب. وهذه الفوضى الاجتماعية هي التي نعاها عليهم القرآن الكريم وعابهم بها في بعض آياته؛ لأنه لم يؤثر لهم التاريخ خطبا في الجاهلية ولا كتبا يدرسونها.
وقد جاءوا إلى الإسلام بكما خرسا فأنطقهم بهذه البلاغة الساحرة والبراعة الفائقة.
ولو أن ما رواه أبو الحسين أحمد بن فارس أستاذ الصاحب بن عباد في «فقه اللغة وسنن العرب في كلامها» من أنهم كانوا في الأزمنة الغابرة على علم وفن، فإن هذا العلم وذلك الفن قد درسا قبل الإسلام، ولم يكونا في الحجاز ولا في قريش، وربما كانا في الدول البائدة كعاد وثمود وسبأ وتبع. يقول ابن خلدون في مقدمته: «فاليمن قرارهم قد خرب عمرانه الذي كان للفرس أجمع.»
فالإجماع على أن العرب قبل الإسلام كانوا في حياة أولية ساذجة، لا أثر للعلم ولا للتفكير الصحيح فيها.
كانت العرب قبل الإسلام أمة بدوية متوغلة في الجهالة والوحشية؛ يئدون البنات، وينتهكون الحرمات، ويقتتلون، ويتناهبون منذ أقدم عصورهم. لا يتغلبون إلا على البسائط؛ لأنهم للتوحش الذي فيهم أهل انتهاب وعبث، ينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة ولا ركوب خطر، ويفرون إلى منتجعهم بالقفر، وإذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب! والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام التوحش وأسبابه فيهم. وكانوا أبعد الأمم عن سياسة الملك، والسبب في ذلك أنهم أكثر بداوة من سائر الأمم، وأبعد مجالا في القفر، وأغنى عن حاجات التلول وحبوبها لاعتيادهم الشظف وخشونة العيش؛ فاستغنوا عن غيرهم فصعب قيادهم بعضهم لبعض؛ لإيلافهم ذلك وللتوحش. فلما أراد الله بالعالمين خيرا جاءت الرسالة المحمدية فأخرجت العرب من الظلمات إلى النور، وأوجدت فيهم وحدة اجتماعية ما كانوا يعرفونها، وبثت فيهم من الأخلاق والآداب ما كانوا في أشد الحاجة إليه، وآتتهم دستورا أفضى بهم السير عليه إلى تبوؤ خلافة الله في العالم قرونا كثيرة، غيروا فيها وجه الأرض ونشروا علما وحرية ومدنية قضت على كل ما كان متحجرا أو غير صالح للحياة في العالم كله.
الأمم والدول العربية البائدة
قامت لبعض قبائل العرب البائدة دول فطرية قبلية فاشتهر منهم أقوام عاد وثمود والعمالقة وطسم وجديس وأميم وجرهم وحضرموت بتأسيس دول لها ملوك يتوارثون العروش، ومدنية مناسبة للزمان الذي وجدوا فيه، وقد بالغ بعض المؤرخين في وصف تلك الممالك وآثارها، ولكن معظم ما رووه ونقلوه سماعي لا يؤبه له. وقد سميت هذه الطبقة الأولى من العرب بالبائدة لأنها انقرضت منذ زمان بعيد ، وغمض تاريخها إلى حد أن العرب أنفسهم لم يعرفوا منه شيئا يذكر غير مبالغات وخزعبلات تخيلها الخراصون، وقد ظل العرب يجهلون أنه قامت في اليمن في بعض عصورها دولة يقال لها المعينية، حتى قام المستعرب هاليفي الفرنسي مستهديا بما ورد عنها في كتاب المؤرخ اليوناني القديم «استرابون»، فارتاد بلاد الحوف شرق صنعاء، واكتشف أنقاض معين، ووجد بها كتابات بالقلم المسند دلته على أسماء 26 من ملوكها، فنقلها بنصها ورسومها.
فتاريخ هذه الطبقة البائدة من العرب يجب أن يغفل في بحث حالة العرب قبل الإسلام؛ لغموضه وتغلغله في القدم، ولما حدث من الانقلاب الذريع في كيان الأمة العربية بعده، حتى سميت تلك الطبقة بالبائدة، ومن بقي بعد تلك الانقلابات سموا بالعرب المستعربة؛ كما سيجيء.
وما انفكت الأمة العربية ملازمة في كل عهودها للحالة القبلية حتى ظهرت ثورة الإسلام فوحد بينها وجعل منها أمة.
Bilinmeyen sayfa