İslam Devrimi ve Peygamberlerin Kahramanı: Ebu'l Kasım Muhammed bin Abdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Türler
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا . (سورة النساء)
وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى . (سورة النجم)
النبوة والوحي في نظر الفلسفة
قال أبو علي الحسين بن عبد الله بن سيناء الملقب بالشيخ الرئيس: «يوجد رجال ذوو طبيعة طاهرة اكتسبت نفوسهم قوة بالطهر وبتعلقها بقوانين العالم العقلي؛ لذا ينالهم الإلهام ويوحي إليهم العقل المؤثر في سائر الشئون. ويوجد غيرهم لا حاجة بهم إلى الدرس للاتصال بالعقل المؤثر لأنهم يعملون كل شيء بدون واسطة؛ هؤلاء هم أصحاب العقل المقدس. وإن هذا العقل لمن السمو بحيث لا يمكن لكل البشر أن ينالهم منه نصيب.» ا.ه.
فكما تبزغ الشمس بأضوائها فتفجر ينبوع النور المسمى بالنهار يبعث النبي فيظهر في الإنسانية ينبوع الضوء المسمى بالعقيدة والإيمان والدين. النهار يحقق يقظة الأحياء بعد النوم، والإيمان يحقق يقظة النفوس بعد الجهالة والضلال.
وقال أبو النصر محمد الفارابي: «إن القوة المتخيلة إذا كانت في إنسان ما قوية كاملة وكانت المحسوسات الواردة عليها من خارج لا تستولي عليها استيلاء يستغرقها بأسرها، ولا أخدمتها للقوة الناطقة، بل كان فيها مع اشتغالها بهذين فضل كثير تفعل به أيضا أفعالها التي تخصها، وكانت حالها عند اشتغالها بهذين في وقت اليقظة مثل حالها عند تحللها منها في وقت النوم، وكثير من هذه التي يعطيها العقل الفعال فتتخيلها القوة المتخيلة بما تحاكيها من المحسوسات المرئية، فيصير ما أعطاه العقل الفعال من ذلك مرئيا لهذا الإنسان، فإذا اتفقت المحاكيات التي حاكت بها القوة المتخيلة تلك الأشياء مع محسوسات في نهاية الجمال والكمال، قال الذي يرى ذلك إن لله عظمة جليلة عجيبة، ورأى أشياء عجيبة لا يمكن وجود شيء منها في سائر الموجودات أصلا، ولا يمتنع أن يكون الإنسان إذا بلغت قوته المتخيلة نهاية الكمال فيقبل في يقظته عن العقل الفعال الجزئيات الحاضرة والمستقبلة أو محاكياتها من المحسوسات، ويقبل محاكيات المعقولات المفارقة وسائر الموجودات الشريفة، ويراها فيكون له بما قبله من المعقولات نبوة بالأشياء الإلهية؛ فهذا هو أكمل المراتب التي تنتهي إليها القوة المتخيلة، وأكمل المراتب التي يبلغها الإنسان بقوته المتخيلة.»
وقال عبد الرحمن بن خلدون في المقدمة: «وصنف من النفوس البشرية متوجهة بالحركة الفكرية نحو العقل الروحاني والإدراك الذي لا يفتقر إلى الآلات البدنية، إنما جعل فيها من الاستعداد لذلك فيتسع نطاق إدراكه عن الأوليات التي هي نطاق الإدراك الأول البشري، ويسرح في فضاء المشاهدات الباطنية؛ وهي وجدان كلها لا نطاق لها من مبدئها ولا من منتهاها، وصنف مفطور على الانسلاخ من البشرية جملة - جسمانيتها وروحانيتها - إلى الملائكة من الأفق الأعلى؛ ليصير في لمحة من اللمحات ملكا بالفعل، ويحصل له شهود الملأ الأعلى في أفقهم وسماع الكلام النفساني والخطاب الإلهي في تلك اللمحة، وهؤلاء الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - جعل الله لهم الانسلاخ من البشرية في تلك اللمحة - وهي الوحي - فطرة فطرهم الله عليها، وجبلة صورهم فيها ونزههم عن موانع البدن وعوائقه ما داموا ملابسين لها بالبشرية بما ركب في غرائزهم من القصد والاستقامة التي يحاذون بها تلك الوجهة، وركز في طبائعهم رغبة في العبادة تكشف بتلك الوجهة وتسيغ نحوها؛ فهم يتوجهون إلى ذلك الأفق بذلك النوع من الانسلاخ متى شاءوا بتلك الفطرة التي فطروا عليها، لا باكتساب ولا صناعة، فإذا توجهوا وانسلخوا عن بشريتهم وتلقوا في ذلك الملأ الأعلى ما يتلقونه عاجوا به على المدارك البشرية منزلا في قواها لحكمة التبليغ للعباد؛ فتارة يسمع دويا كأنه رمز من الكلام يأخذ منه المعنى الذي ألقي إليه، فلا ينقضي الدوي إلا وقد وعاه وفهمه، وتارة يتمثل له الملك الذي يلقي إليه رجلا فيكلمه ويعي ما يقوله. والتلقي من الملك، والرجوع إلى المدارك البشرية، وفهمه ما ألقي عليه؛ كله كأنه في لحظة واحدة، بل أقرب من لمح البصر ؛ لأنه ليس في زمان، بل كلها تقع جميعا، فيظهر كأنها سريعة؛ ولذلك سميت وحيا لأن الوحي في اللغة الإسراع.»
النبي إشراق إلهي
فليس النبي إنسانا كغيره من العظماء يقرأ تاريخه بالفكر الذي يلازمه المنطق، والمنطق يصاحبه الشك، ثم يدرس بكل ذلك على أصول الطبيعة البشرية العامة، ولكنه إنسان كوكبي يقرأ بمثل المنظار المقرب في الدقة، معه العلم ومع العلم الإيمان، ثم يدرس بكل ذلك على أصول طبيعته النورانية الإلهية؛ لأن النبي إشراق إلهي على الإنسانية يقومها في فلكها الخلقي، ويجذبها إلى الكمال في نظام هو صورة لقانون الجاذبية في الكواكب، ويجيء النبي فتجيء الحقيقة الإلهية معه في مثل بلاغة الفن البياني لتكون أقوى أثرا وأيسر فهما وأبدع تمثيلا.
وهذا الرجل الفرد إنما يخلقه الله ويكمله ويبعثه ليكون هو التفسير لما مضى وما يأتي؛ فتظهر به حقائق الكون العليا في صورة الإنسان العامل المنظور.
Bilinmeyen sayfa