1
وغذيت الطيارات في بدء طفولتها فترعرعت عاجلا؛ لكي تصب الهلاك من فوق، كما تقذفه النيرات من تحت.
مددت خطوط القتال ألوف الأميال لكي تتقابل فيها ملايين الرجال، والردى بينها يتهادى ذات اليمين وذات الشمال، والأشلاء تتساقط كالنيازك في بطون الخنادق.
فانبرى انفنتورس بلا استئذان وصاح مقاطعا: ها، ها، صه، مه، حتى ما هذا الافتئات يا فيرومارس! تدعي لنفسك كل عامل من عوامل الحرب، وأنت لم تضرب إلا بسلاح غيرك، ولم تهجم إلا بساعد سواك. إذا كانت الاختراعات الحديثة أفتك آلات الحروب، فلأني أنا الذي كنت أوسوس لوزراء الحرب أن يحولوا كل اختراع جديد إلى أداة دمار وهلاك، فلولا وسوستي هذه لكان كل اختراع جديد لفائدة الجنس البشري وهنائه لا لتدميره وإفنائه.
فأجاب فيرومارس محتدا: ولو لم أوسوس لرجال الحرب أن القتال رياضة الرجال، وأن النصر فخر، وأن أكاليل الغار تنتظر القواد الكبار، لما تواثب الأبطال للنزال.
فقال انفنتورس: وهل تحارب الجنود بلا سلاح وبلا بنود؟
فقال فيرومارس: وهل تحارب الجيوش إذا لم تستفزها للحرب! فهل اختراعاتك استفزتها؟ - وهل تحارب الجنود لتتصارع كتصارع الثيران يا شيطان؟ - نعم، يكفي أن تتصارع ولا لزوم لاختراعاتك. - خسئت.
وكادا يشتبكان في صراع عنيف لو لم ينتهرهما بعلزبول زاجرا: صمتا وكفا عن الخصام أيها الغبيان، أفي موقف تناظر وتناحر نحن يا أحمقان؟! ماذا تركتم للبشر من صنوف العداء والخصام! نحن نعترف لكل من الرجماء الفخام بقيمة جهاده. الحرب لم تتم بعمل واحد لكي يحتكر هذا الواحد الفضل فيها لنفسه، بل كان جهاد كل واحد لازما.
عند ذلك نبهت المؤتمر ضجة من بعيد فوجهوا أنظارهم إليها، وإذا جمع لا يحصى عدده قادم، فقال بعلزبول: ما هذا؟ ما هذا؟
فقال انفنتوروس: أظنها مظاهرة.
Bilinmeyen sayfa