فصرخ رجب: سأقضي عليه قبل أن يقضي علي!
ولكنهم دفعوه نحو الباب الخارجي رغم مقاومته، وعنفت حركاته للتخلص منهم، فعنف كذلك إصرارهم حتى انقلب ما بينهم إلى ما يشبه المعركة، وهددهم إذا لم يتركوه بالضرب، فهددوه بدورهم بالضرب.
وتابع أنيس المنظر بغرابة. إنهم يتصارعون، الوحش يريد أن يقتل، استماتوا في الدفاع فلم يغلبهم.
وكف فجأة عن الهجوم. ها هو يقف جامدا وهو يلهث، ثم ينتفض غضبا. وبرقت في عينيه نظرة جنونية وصرخ: إنكم تتوهمون أنني وحدي المسئول! - لندع الكلام حتى نغادر العوامة. - لقد هربتم معي! - فلنتكلم في الخارج بهدوء. - كلا يا أوغاد، إني ذاهب، سأذهب إلى النقطة بنفسي. إني أتحدى الخراب والموت والشياطين!
واندفع إلى الخارج وهم في أعقابه، وتبعتهم في الحال سنية وليلى، وارتجت العوامة ومادت تحت وقع الأقدام الثقيلة الغاضبة.
وضع السكين فوق الخوان ومضى إلى أقرب شلتة، ثم جلس غير بعيد من سمارة. نظر كلاهما إلى الليل خارج الشرفة مستسلما للصمت والوحدة. لم يتبادلا نظرة ولا كلمة، ولكنه قال لنفسه إن الدنيا قد زلزلت، وإنها على وشك الانفجار. وشعر بأقدام تقترب، مألوفة اللغة، فلم يلتفت حتى وقف العجوز وراء ظهره وقال: ذهبوا.
فلم يجبه، فعاد الآخر يقول: لعب الشيطان بكم حتى شبع.
فلم يخرج من صمته، فقال العجوز: جئتك بالقهوة.
فتحسس فكيه وقال: اتركها أمامي. - خذها في الحال من يد مباركة لتسكن الألم.
وقرب الفنجان من فيه بإصرار حتى احتساه، فقال العجوز: لتكن هذه المرة للشفاء.
Bilinmeyen sayfa