وجاء الأصدقاء تباعا كما جاء رجب وسناء. طيلة أسبوع وهما متلازمان. وآنست سناء أخيرا إلى الجوزة حتى همس أحمد نصر في أذن رجب: «البنت صغيرة!» ولكنه أجابه همسا أيضا وهو مرتكز بكوعه على ركبة أنيس: «لست أول فنان في حياتها!» وجعلت ليلى زيدان تردد: «الويل لمن تحترم الحب في عصر لا يكن للحب احتراما!» ولم يجد أحمد نصر من يفضي إليه بأفكاره المحافظة إلا أنيس المسالم، فمال على أذنه قائلا: جميل أن تدعى ساقطة الأمس بفيلسوفة اليوم!
فأجابه أنيس: هذا ما آل إليه حال الفلسفة بصفة عامة.
وفرقع علي السيد بأصابعه ملفتا الأنظار إليه، ثم قال بجدية: على فكرة يجب أن أبلغكم رسالة قبل أن تنسطلوا.
فاتجهت إليه بعض الأنظار، فقال بصوت واضح: سمارة بهجت ترغب في زيارة العوامة!
استقرت عليه الأبصار في اهتمام شامل، حتى أنيس نفسه وإن لم يكف عن العمل: الصحفية؟ - زميلتي الجميلة النابهة!
انقضت فترة صمت للاستيعاب والهضم، وتجلت في الأعين نظرات غامضة، حتى تساءل أحمد نصر: لكن لماذا ترغب في زيارتنا؟ - أنا المسئول عن إثارة اهتمامها بكم بأحاديثي العريضة عن العوامة!
فقال رجب القاضي: أنت طويل اللسان، ولكن أتحب صاحبتك العوامات؟! - ليس الأمر كذلك، ولكنها تعرف أو تسمع عن أكثر من شخص في العوامة. أنا مثلا صديق وزميل، خالد عزوز من قصصه، وأنت من أفلامك. - هل عندها فكرة عما يدور هنا؟ - تقريبا، وجونا ليس بالغريب عليها بحكم عملها وخبرتها بالحياة. - إذا حكمنا عليها بما تكتب فهي جادة لدرجة الرعب. - وإنها لكذلك في الواقع، ولكن في كل إنسان جانب ينشد العلاقات الإنسانية العادية.
فتساءل أحمد نصر في شيء من الضيق: هل لها جولات مماثلة؟ - أظن ذلك. هي ودود حقا وتحب الناس.
فقال أحمد نصر أيضا: ولكنها ستصادر حريتنا. - لا ... لا ... لا، لا تحمل هما من هذه الناحية. - هل تشاركنا فيما نحن فيه؟ - إلى حد ما؛ أعني في الأمور البريئة. - البريئة! هذا يعني أننا سنكون موضوع تحقيق صحفي!
فقال بتوكيد: إنها قادمة للتعارف لا لشيء آخر.
Bilinmeyen sayfa