وفي سورة الكهف عن موسى - عليه السلام - وفتاه
فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما * قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا * قال إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا .
وبين أكبر الأنبياء المعلومين عندنا ثلاثة من الذين بعثوا في العبريين، وهم: إبراهيم وموسى وداود - عليهم السلام، نعلم من أخبارهم في أسفار التوراة كما نعلم من أقوالهم فيها أنهم تتلمذوا لأناس من الأمة العربية، وأن أساتذتهم سبقوهم - بداهة - إلى ثقافة الدين وإلى المعرفة الإلهية التي يطلبها الأنبياء ويبحثون عنها.
وعلى أحد القولين يسمى إبراهيم عبريا؛ لأنه من نسل عابر بن سام.
وعلى القول الآخر يسمى عبريا؛ لأنه هو وقومه عبروا النهر إلى أرض كنعان.
وعلى كلا القولين ينتمي إبراهيم إلى قبيلة سامية من الجزيرة العربية، ويتنقل بين أرض آرام في المشرق وأرض كنعان في المغرب، وكلتاهما موطن المتكلمين بالعربية على أقرب لهجاتها وأطوارها إلى اللغة العربية الحديثة؛ فالعرب العاربة - كما تقدم - تنتمي كلها إلى الأرمان، وأبناء كنعان ينسبون إلى أرضهم الواطئة على أشهر الأقوال، وهي من مادة «كنع»، تشبهها في لغتنا الحديثة مادة «قنع» ومادة «خنع» في الدلالة على الخفض والاطمئنان.
وقد تحول إبراهيم من أرض النهرين إلى أرض كنعان، فروى لنا سفر التكوين من التوراة في إصحاحه الرابع عشر أنه تلقى البركة من ملكي صادق ... «وكان كاهنا لله العلي، وباركه وقال: مبارك إبرام من الله العلي مالك السماوات والأرض، ومبارك الله العلي الذي أسلم أعداءك في يدك».
وقد أعطاه إبراهيم العشر من كل شيء قربانا إلى الله.
ويقول الإنجيل في رسالة العبرانيين: إن السيد المسيح صار «على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد».
ويقول بعد ذلك في الإصحاح السابع عن ملكي صادق: «إنه لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة، بل هو مشبه بابن الله، هذا يبقى كاهنا إلى الأبد، ثم انظروا ما أعظم هذا الذي أعطاه إبراهيم رئيس الآباء ...»
Bilinmeyen sayfa