{ وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } بعد إحرامكم بحج أو عمرة بأن تنقبوا البناء ونحوه أو ترفعوا خلفا مخالفة لحالكم قبل، أو تدخلوا بسلم لئلا يستركم شىء عن السماء وإذا دخلتم بذلك لحاجة وقفتم لا يظلمكم شىء عن السماء وترجعوا من ذلك، ذكلم بدعة مخالفة للشرع، والنقب إسراف { ولكن البر من اتقى } مر مثله، وهو قوله ولكن البر من آمن، أى من اتقى عقاب الله بترك مخالفته وبترك هذه البدعة لما بعد، وسائر المعاصى، وذكر ذلك لأنهم سألوه أيضا عن إتيان البيوت ولم يذكره فى السؤال استغناء بالجواب، مع أنه مما لا ينبغى السؤال عنه لظهور بطلانه، وإن لم يسألوا عنه فإنه ذكر لذكر الحج، أو شبه سؤالهم عما لا يهم وهو الأهلة وترك السؤال عما يهم من الأحكام بحال من ترك الدخول من الباب وعالجه من غيره { وأتوا البيوت من أبوابها } بعد الإحرام كما قبله أو باشروا الأمور بوجوهها { واتقوا الله لعلكم تفلحون } تفوزون بالهداية إلى كل بر وبغية، وإلى علم أن فى كل أفعاله حكمة بالغة، وعن جابر بن عبدالله:
" كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب فى الإحرام، وكانت العرب والأنصار لا يدخلون من باب فى الإحرام، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بستان إذ خرج من بابه وخرج معه قطبة بن عامر الأنصارى وفى رواية رفاعة بن تالوت، فقالوا يا رسول الله إن قطبة بن عامر ورفاعة بن تالوت رجل فاجر وأنه خرج معك من الباب، فقال له: ما حملك على ما فعلت؟ قال رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت، قال إنى رجل أحمس أى متصلب فى الدين، قال فإن دينى دينك فنزلت، وليس البر بأن تأتوا الآية "
، وعن البراء كانت الأنصار إذا قدموا من سفر لم يدخل الرجل من الباب فنزلت الآية، والمراد اتقوا الله فى شرع ما لم يشرعه وفى تغيير أحكامه.
[2.190]
{ وقتلوا فى سبيل الله الذين يقتلونكم } رد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت عام الحديبية من الحديبية، وهى موضع فيه ماء وشجر أقاموا فيه ثلاثين يوما وصالحوه على أن يرجع من قابل، وكانوا معتمرين فى ذى القعدة ومعهم الهدى، فلما كان العام القابل تجهزوا بعمرة القضاء فى ذى القعدة، وخافوا أن لا يفى المشركون بذلك وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكرهوا القتال فى الشهر الحرام، فنزلت الآية، ودخلوا مكة معتمرين فأقاموا بها ثلاث ليال، وقد فخروا حين ردوه فأقصه الله منهم فأدخله مكة فى الشهر الذى ردوه فيه، سميت عمرة القضاء لأنهم وعدوه بها فوفوا له بها، وذلك فى العام السابع وعدوه بها فى العام السادس يوم الحديبية، وفيها وقع قتال خفيف بحجارة وسهام، والمسلمون ألف وأربعمائة، وقدم فى سبيل الله ترغيبا فى الإخلاص لإعلاء الدين، والآية تدل على أنه لا يجوز لهم قتال من لم يقاتلهم، وهذا المفهوم منسوخ بما نزل بعده، وهو قوله تعالى
فاقتلوا المشركين
[التوبة: 5] وقوله
واقتلوهم حيث ثقفتموهم
[البقرة: 191] فتكون الآيتان على ما زعموا ناسخة سبعين آية نهى فيها عن القتال، وأما قوله تعالى
أذن للذين يقاتلون
Bilinmeyen sayfa