يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة أو فى السموت أو في الأرض يأت بها الله
[لقمان: 16] أو يمتكم، كقوله تعالى:
أينما تكونوا يدرككم الموت
[النساء: 78] أو يأتى بكم إماتة وحشرا، أو يجمع صلواتكم فى الآفاق من جهات الكعبة، كصلاة واحدة إلى جهة فى القبول، كأنها إلى عين القبلة، أو فى المسجد الحرام، فيأت بكم مجاز عن جعل الصلاة متحدة الجهة { إن الله على كل شيء } من الإماتة والإحياء والحشر وغير ذلك { قدير }.
[2.149]
{ ومن حيث خرجت } متعلق بول بعده، ومن للابتداء، أو بعض فى، كأنه قيل { فول وجهك شطر المسجد الحرام } من حيث خرجت للسفر إلى أن ترجع، وفى موضع خروجك للسفر، فيفهم منه أن حكم ما بعد الموضع من مواضع السفر كذلك، أو خرجت بمعنى سافرت، أى ول وجهك فى مواضع سفرك، ولا يعترض على ذلك بأنه يلزم اتصال الواو بالفاء، إذا علقناه بول، لأن الفاء صلة للتأكيد، أساغها شبه حيث بالشرطية المتصلة بما فى العموم، كما أجاز الفراء كونها شرطية ولو بدون ما، ولأنه لا يكون الثقل فى التقدير مثل الثقل اللفظى كما فى أنواع كثيرة، بل يسوغ فى التقدير، وكرره لبيان أنك تستقبل القبلة فى السفر كالحضر { وإنه } أى التولى المطاوع للتولية المذكورة، أو شطر المسجد الحرام، أى استقباله، أو أن التولية، فذكر للتذكير الخبر، أو أن الصرف أو الاستقابل { للحق من ربك، وما الله بغفل عما تعملون }.
[2.150]
{ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام } الشطر فى الأصل ما انفصل عن الشىء، إما حسا، كدار شطور أى منفصلة عن الدور، أو معنى، كقولنا الإقرار شطر التوحيد، واستعماله فى الجزء شائع، واستعمل لجانب الشىء ولو لم ينفصل، وبمعنى الجهة فى الآية { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } والعطفان على لكل وجهة، أو على قد نرى تقلب وجهك فى السماء، ذكر ذلك ثلاث مرات، كل لعلة غير علة الأخرى، ذكره المرة الأولى ليريه أنه قد أجاب له فيما يشتاق إليه ورحم تضرعه، وأنه أهل لأن يجاب لعظم شأنه عند الله عز وجل، كما قال الله عز وجل
قد ترى تقلب وجهك
[البقرة: 144] وذكره المرة الثانية ليبين أنه جعل لكل أمة قبلة تمتاز بها، إذ قال
Bilinmeyen sayfa