يسألونك عن الخمر
[البقرة: 219] إلخ فتركها بعض تحرجا عن إثمها وبقى بعض على منافعها، فنزل
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
[النساء: 43] فتركها بعض وقال بعض نشربها ونقعد في بيوتنا حتى لا نضر أحدا، وشربها بعض حين لا تضر بالصلاة حتى نزل إنما الخمر، إلى فهل أنتم منتهون، فقالوا: انتهينا يا ربنا، وذلك سنة ثلاث من الهجرة، فقال أبو بكر وغيره: كيف حال من مات وقد شربها وأكل الميسر من المؤمنين يا رسول الله، فنزل قوله تعالى:
{ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الأحياء والأموات { جناح فيما طعموا } أكلوا مما لم يحرم، ولو حرم بعد كالخمر والميسر، والطعم شامل للشرب كقوله تعالى
ومن لم يطعمه
[البقرة: 249] - أى الماء فإنه منى، وقيل نزلت الآية في الرد على الذين أرادوا الترهب وقد مر ذكرهم { إذا ما اتقوا } نزل تحريمه عليهم { وآمنوا } وثبتوا على الإيمان، أو ازدادوا إيمانا { وعملوا الصالحات } ثبتوا على عملها، أو ازدادوا منها { ثم اتقوا } ما حرم بعد، وهم أحياء كالخمر والميسر { وآمنوا } بتحريمه { ثم اتقوا } داموا على اتقائهما واتقاء سائر المعاصى، والجناح في ترك الاتقاء والإيمان وعمل الصالحات لا فى تناول المباح عند الترك لذلك، فقوله إذا ما اتقوا إلخ لم يذكر لتقييد نفى الجناح عنهم بتحقق الإيمان والتقوى والعمل الصالح، بل ذكر لمدحهم فإنه تم جواب سؤال: كيف حال إخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر فى قوله طعموا بدليل { وأحسنوا والله يحب المحسنين } فإنه لا يناسب الختم به كون قوله إذا ما اتقوا إلخ قيد نفى الجناح بتحقيق الإيمان وما بعده، ويحتمل أن يكون التكرير باعتبار ما قبل زمان تحريم الخمر والميسر وزمان تحريمهما وما بعد تحريمهما، أو زمان الشباب وزمان الكهولة وزمان الشيخوخة، أو زمان ابتداء الإيمان وزمان الوفاة وما بينهما. والمراد أحسنوا على الاستمرار والثبات على الاتقاء، والترتيب في ذلك باعتبار الزمان، ويجوز أن يكون باعتبار الرتبة؛ لأن الثبوت على الشئ فوق إحداثه قال:
لكل إلى جنب العلا حركات
ولكن عزيز فى الرجال ثبات
ومن تراخى الرتبة فأولاها ترك المحرم خوف العقاب أو رجاء الجنة، وبعده ترك الشبهات أن لا يقع في الحرام، وبعد هذا ترك بعض المباح تحفظا عن الخسة وتهذيبا عن دنس الطبع، أو مرتبة خلوه ثم مرتبة اجتماعه مع الناس ثم مرتبة خلوه مع ربه، يستعمل التقوى والإيمان فيهن، أو مرتبة الإيمان التقليدى ثم اليقينى ثم العيانى، أو التقوى الأولى ترك الحرام والثانية الدوام عليه والثالثة انتفاء الظلم، وفي الحديث:
Bilinmeyen sayfa