، وهذا فى مضاعفة الثواب، وقال صلى الله عليه وسلم،
" ما نقصت صدقة من مال قط "
، وهذا بركة فى الدنيا بالزيادة، كما أو كيفما، بأن يدرك بالباقى ما يدرك بالكل لو لم تخرج { والله لا يحب } أى والله يعاقب، لأنه لا واسطة للمكلف بين الثواب والعقاب، فإذا لم يكن ثواب له كان العقاب { كل كفار } بأى أمره، ومنها الكفار بتحليل الربا، ومثله فاعله بلا تحليل، والنفى لعمون السلب ولو تأخرت عنه أداة العموم لا لسلب العموم { أثيم } فاجر بالكبائر، مفارقة أو تحليلا، جاء مرفوعا، أن درهما واحدا من الربا أشد عند الله من ست وثلاثين زينة، ويروى من سبعين زينة بذات محرم فى البيت الحرام، وأن الربا سبعون بابا، أدناها كزنا الرجل بأمه، وأربى الربا استطالة المرء فى عرض أخيه، وأن النار أولى بكل لحم نبت من سحت، ولعن آكل الربا وموكله وشاهداه وكاتبه، والعدد تمثيل وكذا السبعون تكثير.
[2.277]
{ إن الذين ءامنوا } بالله ورسله، وما جاءوا به كتحريم الربا { وعملوا الصلحت } كتركه { وأقاموا الصلوة } تعظيما له { وءاتوا الزكوة } تعظيما له وشفقة على خلق الله { لهم أجرهم عند ربهم } ذكر الإقامة والإيتاء مع دخولهما فى الصالحات لشرفهما وليتصلا بذكر الجزاء، قدم التصديق وهو بالقلب واللسان، وعم العمل بعده وخص العمل بعد الصوم بالصلاة من أعمال البدن والزكاة من المال تعظيما لهما، فالصلاة أعظم أعمال البدن، والزكاة أعظم الأعمال المالية { ولا خوف عليهم } آت { ولا هم يحزنون } على فائت.
[2.278]
{ يأيها الذين ءامنوا } بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم نفاقا بإضمار الشرك، بدليل قوله، إن كنتم مؤمنين أى مؤمنين بقلوبكم، أو صادقين فى إيمانكم، وهذا أولى من تقدير، إن تبتم على الإيمان، أو زدتم إيمانا فى قوله، إن كنتم مؤمنين، أى، يا أيها الذين آمنوا تحقيقا { اتقوا الله } فى أموركم { وذروا } اتركوا { ما بقى من الربوا إن كنتم مؤمنين } أى ثبتم على الإيمان، أو زدتم إيمانا، أسلف العباس وعثمان بن عفان فى الثمر، ولما حان وقت الجذاذ قال لهما صاحب الثمر، إن أخذتما حقكما لم يبق لى ما يكفى عيالى ونحن ذو عسرة، فهل لكما أن تأخذا النصف وتؤخرا النصف وأضعفه لكما، ففعلا، فلما حل الأجل طلبا الزيادة، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فنهاهما، وأنزل الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا... الآية، ولا يخفى أنهما لم يضمرا شركا، فإما أن تكون الآية فيمن أضمره، أو يجعل آمنوا على ظاهره، وإن كنتم مؤمنين، بمعنى ثبتم أو زدتم، أو جعل مخالفة الحق بالعمل كإنكاره مبالغة حتى كأنه لم يؤمن من طلب الزيادة مع أنه آمن، وقيل، طلباها بعد النهى لعدم بلوغ النهى لهما، أو طلباها ظنا أن ما سبق النهى يبقى على حاله.
[2.279]
{ فإن لم تفعلوا } تقوى الله وترك الباقى من الزيادة { فأذنوا } اعلموا يقينا، كانه قيل فأيقنوا { بحرب } عظيمة كحرب البغاة لمن لم يستحل، وحرب المشركين لمن استحل { من الله ورسوله } تقتلون فى الدنيا وتحرقون يوم القيامة، والقتل الذى يأمر الله به هو من الله كما قال: يحاربون الله ورسوله، ولو جرى على يد النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، والمعنى بحرب بأمر من الله ورسوله، وإنما يقتلون بعد الإقدام عليهم، وكذا كل من أحل ما حرم الله، ويروى أنه كان لثقيف مال على بعض قريش فطالبوهم به وبالربا عند الأجل فنزلت: فإن لم تفعلوا... إلخ، فقالوا، لا يد لنا بحرب الله ورسوله، أى لا قدرة، وحذفت النون لشبه الإضافة، وليس مضافا لنا، واللام زائدة، لأن اسم لا لا يضاف لمعرفة، وعبروا باليد عن القوة، لأن المباشرة والدفع باليد، وكأنه عدمت اليدان عند العجز، ويروى أن بنى عمرو بن عمير بن عوف الثقفى ومسعود بن عمرو ابن عبد ياليل وأخويه ربيعة وحبيبا طلبوا بنى المغيرة من بنى مخذوم بربا من الجاهلية، فقالوا، قد وضع الربا، فكتب بإذنهم معاذ وقيل عقاب بن أسيد إليه صلى الله عليه وسلم فنزل: يا أيها الذين آمنوا، فكتب إلى معاذ أن يقرأ عليهم الآية، فإن أبوا إلا طلب الربا فقاتلهم، وكذا ترك العباس ورجل من بنى المغيرة المشتركين رباهما من الجاهلية حين نزلت { وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أمولكم لا تظلمون } بأخذ الربا من أى وجه كانت { ولا تظلمون } بنقص عن رءوس أموالكم، أو بالمطل، يجب على من أخذ القليل أن يرده، وإن ذهب بعضه رد الباقى، ومثل الذاهب أو قيمته كذلك، ومن ذهب له منهما كل ما أخذ رد المثل أو القيمة، ويحرم عليهما أن يقتصرا على رد الزيادة، وأن يتقاضيا فى الباقى، فإن الربا لا محالة فيه ولا تغاضى، ومن أعطى عشرة ليأخذ تسعة وجب عليه رد القسمة وقبض عشرته، وعلى آخذها ردها له، ومن أعطى تسعة ليأخذ عشرة وجب عليه رد العشرة كلها، وعلى آخذ التسعة ردها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا محالة ولا قضاء ولا إبراء فى الربا، ومن أربى باستحلال فهو مشرك "
Bilinmeyen sayfa