، أو جهد من مقل، ثم قرأ الآية، وروى مرفوعا،
" صدقة السر تطفىء غضب الرب "
{ ويكفر عنكم } " بالضم " وقراءة بالجزم عطفا على محل جملة الجواب، وهكذا قل، ولا تقل لا محل للجملة، وإنما الجزم لعطفها على جملة لو كان المضارع فى موضعها جزم، وقولهم، لا محل للجملة إلا إذ كانت فى محل المفرد مخصوص بحيث يصلح المفرد، والجواب لا يصلح فيه المفرد فالجملة فى محلها إذا كانت جوابا. واعلم أن المحل لما بعد الفاء وما بعدها، كما قيل، وأفيدك أنه إذا حذف الجواب الذى لا يحتاج إلى الفاء وبقى منه اسم قرن بالفاء نحو، إن تعط درهما يعطك ربى عشرة، وإن تعط عشرة فمائة بالفاء، ولو ذكر لم تكن الفاء، بل نقول، يعطك مائة بلا فاء ولا ياء { من سيئاتكم } بعض سيئاتكم، وباقيها يكفر بالعمل الآخر، وأجاز الأخفش زيادة من فى الإثبات، ومع المعرفة، أى يغفر لكم سيئاتكم، أى الجنس فيعود إلى معنى التبعيض، أو سيئاتكم كلها، ووزن سيئة فيعلة، بفتح الفاء وإسكان الياء وكسر العين، والأصل سيوأة، بفتح السين وإسكان الياء وكسر الواو، وأبدلت ياء، وأدغمت فيها الياء، أو فعيلة بفتح الفاء وكسر العين وإسكان الياء، والأصل سويأة، بفتح السين وكسر الواو وإسكان الياء بعدها همزة، قدمت الياء على الواو، وقلبت ياء، وأدغمت فيها الياء، لأنه من السوء { والله بما تعملون خبير } ترغيب فى الإخلاص، سرا وعلنا، ووعيد للمرأئى وللمؤذى والمان، قال صلى الله عليه وسلم
" أفضل الصدقة جهد المقل إلى فقير فى سر "
قال صلى الله عليه وسلم:
" لا يقبل الله من مسمع ولا مراء ولا منان "
، وقد يتمخض قصد الاقتداء فيكون الإظهار، ولو للنفل أولى، وقد بالغوا فى الإخفاء، فمنهم الشيخ كموس رحمه الله كان يصر الدراهم إلى ألواح الطلبة ويضعها فى قماطر كتبهم، ولما مات فقدوا ذلك، فعرفوا أنه فاعل ذلك، رحمه الله وأرضاه، ولذلك لقب بكموس، لأن كموسا بلغتنا البربرية للعقود، وكان بعض بلقيه فى يد الأعمى، وبعض فى طريق، أو فى موضع جلوسه، لأن الدراهم بلا علاقة، تملك من حين تلفظ بلا تعريف، أو يشده فى ثوبه وهو نائم، وبعض يبيع برخص ويشترى بغلاء تصدقا، وهذا لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ولا يمينه تعلم، ولا الملائكة على ألا يظهر لهم ما فى القلب، قال صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليعمل سرا فيكتب، فإن أظهره، أى بلا رياء، نقل من السر وكتب فى العلن، فإن تحدث به كتب فى الرياء، وعن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم:
" السر أفضل من العلانية والعلانية أفضل لمن أراد الاقتداء ".
[2.272]
{ ليس عليك } أيها النبى، أو مطلق المسلم { هدهم } هدى المشركين إلى الإسلام بالقهر، بقطع النفقة عنهم، فهو هدى إيصال، بل عليك وعلى أصحابك البلاغ والحص على المحاسن، أو ليس عليك هدى هؤلاء المأمورين بالمحاسن، المنهيين عن المساوىء { ولكن الله يهدى من يشآء } هدايته، هداية إيصال إلى الإسلام، وأما هدى بيان فتعم كل مكلف، نزلت فى قوم من الأنصار لما أسلموا قطعوا النفقة عن أصهارهم وقرابتهم من اليهود ليسلموا، وكان المسلمون يتصدقون على فقراء أهل المدينة، ولما كثر المسلمون منع صلى الله عليه وسلم الصدقة على أهل الشرك ليدخلوا فى الإسلام، وقال: لا تصدقوا إلا على أهل دينكم، بفتح الدال والتاء، فنزلت الآية { وما تنفقوا من خير } مال قليل أو كثير ولو على مشرك، ولا حظ لمشرك فى واجب كزكاة، ولا لحربى بعد نزول القتال ولو نفلا، ولا فى دينار الفراش وشاة الأعضاء، وزكاة الفطر، وأجاز أبو عبيدة الكفارة الصغيرة للذمى، وأجاز له أبو حنيفة زكاة الفطر والكفارات كلها والنذر، وكل صدقة ليس أمرها إلى الإمام وهو خطأ { فلأنفسكم } فثوابه لأنفسكم، فلا وجه لترك الإنفاق، أو الإيذاء، أو المن، أو الرياء، أو قصد الإنفاق من الخبيث { وما تنفقون إلا ابتغآء وجه الله } إعظامه، أو ثوابه، أى الأمر الحق ذلك، أو الحكم الشرعى ذلك، فذلك إخبار، أو بمعنى النهى، أى لا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله، أو فلأنفسكم فى حال قصدكم بالإنفاق وجه الله، على أن الجملة حال، وهذا أولى، وذكر الوجه إعظام، ونص على نفى توهم الشركة، وأعطيتك لأبيك دون أعطيتك لوجه أبيك، فإن الوجه أشرف ما فى الإنسان، تعالى الله عنه، حتى إنه يعبر به عن الشرف، وقيل، وجه الله ذات الله سبحانه، وقيل، الوجه هنا بمعنى الرضى { وما تنفقوا من خير يوف إليكم } يوف إليكم جزاؤه مضاعفا فى الآخرة، أو فيها وفى الدنيا، أو يوفى لكم فى الدنيا، لا ينقص، وإن شاء الله زاد، ويضاعف فى الآخرة، وذلك إجابة لقوله صلى الله عليه وسلم:
Bilinmeyen sayfa