" كل قنوت فى القرآن طاعة "
رواه أحمد، أو قانتين ذاكرين، أى قوموا لله ذاكرين له. أو قوموا ذاكرين لله، أو خاشعين على الوجهين، أو ساكتين، ففى البخارى ومسلم عن زيد بن أرقم، كنا نتكلم فى الصلاة حتى نزلت الآية، قال البخارى أى ساكتين، وعن عكرمة عن زيد بن أرقم، كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم أحدنا صاحبه فى جنبه فى الصلاة حتى نزل، وقوقوا لله قانتين، سلم ابن مسعود عليه صلى الله عليه وسلم فى الصلاة، فلما سلم قال: لم أرد عليك لأنا أمرنا أن نقوم قانتين فى الصلاة، والقيام فى الصلاة واجب فى صلاة الفرض لمن أطلق، والآية لذلك، ورتب على صلاة الأمن صلاة الخوف بقوله:
{ فإن خفتم } من عدو، أو سبع، أو سيل حتى لا يمكنكم إتمام حدودها من ركوع وسجود تامين وخشوع { فرجالا } أى فصلوا رجالا، جمع راجل أو رجل بفتح وضم، أو بفتح وكسر بمعنى ماش { أو ركبانا } على الإبل أو غيرها، وأصل اللغة أن راكب الفرس فارس، والحمار أو البغل حمار وبغال، والأجود صاحب الحمار وصاحب البغال، صلوا ماشين أو راكبين للقبلة وغيرها بالإشارة للركوع والسجود كيفما أمكن، فرادى أو بجماعة، وفى المسايفة والسفينة عندنا، وعند الشافعى، وعن أبى حنيفة لا يصلى حال المشى والمسابقة، واحتج بأنه أخرها صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وقضاهن كلهن فى الليل، كل بأذانها، الجواب، أن صلاة الخوف هذه شرعت بنزول هذه الآية بعد الخندق، وقيل فى ذات الرقاع قبل الخندق، فيكون تأخيرهن يوم الخندق ناسخا لهذه الآية، وهو ضعيف، فإنها بعد الخندق، وفيه كان الخوف الشديد فلا يضر التأخير، فإذا لم يشتد صلى طائفة وقاتلت أخرى، وإن لم يكن ذلك صلوا كما أمكن ولا يؤخروا { فإذآ أمنتم } كنتم فى أمن بعد خوف، أو بدون تقدم خوف، والفاء تدل للأول { فاذكروا الله } صلوا له صلاة الأمن، والذكر الجزء الأعظم منها، فسميت به { كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } من صلاة الخوف والأمن وسائر الدين، هذا إشارة للشكر على الأمن، كما تقول، أكرم زيدا كما علمك العلم، فإنه مفيد للشكر ولو لم تذكر الشكر ولم تقدره، وذكر هنا إذا لتحقق الأمن غالبا، وهناك إن لقلة الخوف وندوره، حتى إنه كالمشكوك فيه، هل يقع، تعالى الله، وذكر ما لم تكونوا تعلمون مع أن التعليم لا يتصور إلا لمن لا يعلم، وإلا لزم تحصيل الحاصل، تذكيرا بأنهم كانوا فى حال سوء، وهو الجهل، فنجاهم الله منه.
[2.240]
{ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية } عليهم حين الاحتضار وصية، أى إيصاء، أو كتب عليهم وصية، أو ذو وصية، أو حكمهم وصية، وإن لم يوصوا فذلك فى مالهم بعد وفاتم، فالمضاف مقدر قبل الذين، أو قبل وصية، كما رأيت، أو يقدر كتب عليهم وصية، أو عليهم وصية { لأزوجهم } نسائهم { متعا } يعطونهن بالإيصا، أو يمتعها الورثة متاعا نفقة وكسوة وسكنى، أو ضمن وصية معنى تمتيع { إلى الحول } إلى تمام الحلول { غير إخراج } غير ذوات إخراج أو غير مخرجات من مسكنهن، فإن خرجن بلا اختيار منهن لم يبطل حقهن من النفقة والكسوة والسكنى، كإخراج الوارث وككون المحل مخوف السقوط أو الفسوق، وغير حال من أزواج لا بدل اشتمال، ولا بعضا من متاعا لعدم الرابط { فإن خرجن } باختيارهن { فلا جناح عليكم فى ما فعلن فى أنفسهن من معروف } من قطع النفقة والكسوة والسكنى بالخروج والتعرض للخطاب بنحو التزين باختيارهن الخروج عن منزل الزوج بلا ضرورة، والمراد بالخروج الخروج قبل تمام الحول، والخطاب فى عليكم للأزواج، أو أولياء الميت، أو للأئمة، أو للكل، ونسخت عدة الحول بأربعة أشهر وعشر لتأخره نزولا عن آية الحول لو وضعت قبلها، ونسخت الوصية بالميراث الذى هو ربع أو ثمن، إذ لا وصية لوارث، فالنسخ بالآية بمعونة الحديث وإلا فشرط النسخ منافاة الناسخ لما ينسخ، وقال الشافعى بثبوت السكنى، ويرده أن المال للوارث بعد موت الزوج، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:
" امكثى فى بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله "
، فمعناه المكث، فى أى بيت كانت؛ وهو مجرد زجر عن الظهور لتخطب، وأجاز غيرنا التزين للخطاب إذا خرجن بأنفسهن، فكن مخيرات بين ترك التزين والخروج، فيسكن فى منزل الأزواج وينفقن ويكسون وبين الخروج والتزين فلا حق لهن، والمذهب أنه لا يجوز لهن التزين والتطيب، ولو خرجن وتركن حقهن، وخالفنا غيرنا، ونكر معروف وعرفه فيما مضى، لأنه هذه الآية متقدمة فى النزول ولو تأخرت فى التلاوة، فالتعريف لما مضى لعهد التنكير { والله عزيز حكيم } ينتقم ممن خالف حدوده بعدل وصواب.
[2.241]
{ وللمطلقت } المعهودات الذكر فيما مر، وهن المطلقات قبل المس غير مفروض لهن، وأعاد ذكر متعتها دفعا لتوهم من يتوهم من قوله تعالى، حقا على المحسنين، أن المتعة غير واجبة، بل إحسان إن شئت متعتها، وإن شئت لم تمتعها، وهذا بيان وزجر لا نسخ، لأن قوله على المحسنين لم يرد به الاستحباب فقط، ولو ناسبه لفظ الإحسان ولفظ حقا ظاهر فى الوجوب فيعمل به، ولو كان قد يطلق فى حق المتبرع، ووجه الدفع قوله، حقا على المتقين، فمن يمنع فهو غير متق، فالتمتيع واجب { متع بالمعروف } بحسب مال الزوج ونظر الحاكم، ويسن ألا نتقص عن ثلاثين درهما { حقا } حق حقا أى وجب وجوبا ذلك التمتيع { على المتقين } وحمل بعضهم هذه الآية على العموم فى كل مطلقة ولو مست أو فرض لها، وعليه ابن جبير والشافعى فى أحد قوليه، وأبو العالية والزهرى، وعكس بعضهم ما مر، فحمل حقا على المحسنين على الوجوب، وهو فى التى لم تمس ولم يفرض لها، وحمل حقا على المتقين على الاستحباب فى الممسوسة، فإن لها صداقا إن فرض. وصداق المثل أو العقر إن لم يفرض، فإن إبحاش الفرقة مندفع بالمهر أو العقو فلم تجب المتعة، لكن المناسب لأهل التقوى التبرع بها تطييبا لقلبها، وقيل، المتعة هنا نفقة العدة.
[2.242]
Bilinmeyen sayfa