252

Taysir Bi Şerh

التيسير بشرح الجامع الصغير

Yayıncı

مكتبة الإمام الشافعي

Baskı

الثالثة

Yayın Yılı

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

Yayın Yeri

الرياض

نوال الْخَيْر وَصرف السوء وَحكم عَكسه عكس حكمه (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَرِجَال أحد أسناديه ثِقَات
(أَن الله خلق الْخلق) أَي قدّر الْمَخْلُوقَات فِي علمه السَّابِق (حَتَّى إِذا فرغ من خلقه) أَي قَضَاهُ وأتمه فالفراغ تَمْثِيل (قَامَت الرَّحِم) حَقِيقَة بِأَن تجسد وتتكلم وَالْقُدْرَة صَالِحَة أَو هُوَ تَمْثِيل واستعارة (فَقَالَ) تَعَالَى (مَه) أَي مَا تقولي وَالْقَصْد بِهِ إِظْهَار الْحَاجة دون الاستعلام فَإِنَّهُ يعلم السرّ وأخفى (فَقَالَت) بِلِسَان القال أَو الْحَال على مَا تقرّر (هَذَا مقَام العائذ بك) أَي مقَامي هَذَا مقَام المستجير بك من القطيعة (قَالَ) تَعَالَى (نعم) حرف إِيجَاب مُقَرر لما سبق (أما) بِالتَّخْفِيفِ (ترْضينَ) خطاب للرحم والهمزة للاستفهام التقريري (أَن أصل من وصلك) بِأَن أعطف عَلَيْهِ وَأحسن إِلَيْهِ (وأقطع من قَطعك) فَلَا أعطف عَلَيْهِ فَهُوَ كِنَايَة عَن حرمَان أنعامه (قَالَت) الرَّحِم (بلَى يَا رب) رضيت (قَالَ) الله تَعَالَى (فَذَلِك) الْمَذْكُور (لَك) بِكَسْر الْكَاف فيهمَا أَي حصل لَك وصلَة الرَّحِم تكون بإيصال الْمُمكن من خير وَدفع الْمُمكن من شرّ وَهَذَا إِن استقام أهل الرَّحِم فَإِن كفرُوا وفجروا فقطيعتهم صلتهم (ق ن عَن أبي هُرَيْرَة
(إنّ الله خلق) أَي قدّر (الرَّحْمَة) الَّتِي يرحم بهَا عباده وَهِي إِرَادَة الْأَنْعَام وَفعل الْإِكْرَام (يَوْم خلقهَا مائَة رَحْمَة) الْقَصْد بِذكرِهِ ضرب الْمثل لنا لنعرف بِهِ التَّفَاوُت بَين القسطين فِي الدَّاريْنِ لَا التَّقْسِيم والتجزئة فإنّ رَحمته تَعَالَى غير متناهية (فَأمْسك) ادّخر (عِنْده تسعا وَتِسْعين رَحْمَة وَأرْسل فِي خلقه كلهم رَحْمَة) وَاحِدَة تعم كل مَوْجُود (فَلم يعلم الْكَافِر بِكُل الَّذِي عِنْد الله من الرَّحْمَة) الواسعة (لم ييأس) لم يقنط (من الْجنَّة) أَي من شُمُول الرَّحْمَة لَهُ فيطمع أَن يدْخل الْجنَّة (وَلَو يعلم الْمُؤمن بِالَّذِي عِنْد الله تَعَالَى من الْعَذَاب لم يَأْمَن من النَّار) أَي من دُخُولهَا فَهُوَ غَافِر الذَّنب شَدِيد الْعقَاب وَهَذَا أَمر بوقوف العَبْد بَين حالتي الرَّجَاء وَالْخَوْف (ق عَن أبي هُرَيْرَة) وَغَيره
(إِن الله خلق يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض مائَة رَحْمَة) أَي أظهر تقديرها يَوْم أظهر تَقْدِير السَّمَوَات وَالْأَرْض (كل رَحْمَة طباق مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض أَي ملْء مَا بَينهمَا بِفَرْض كَونهَا جسما (فَجعل فِي الأَرْض مِنْهَا وَاحِدَة فبها تعطف) تحنّ وترق (الوالدة على وَلَدهَا) من الدَّوَابّ (والوحش وَالطير) والحشرات والهوام وَغَيرهَا (بَعْضهَا على بعض وَأخر) أمسك عِنْده (تسعا وَتِسْعين) رَحْمَة (فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة) أَي ضمهَا إِلَيْهَا فالرحمة الَّتِي فِي الدُّنْيَا يتراحمون بهَا أَيْضا يَوْم الْقِيَامَة ويعطف بَعضهم على بعض بهَا (حم م عَن سلمَان) الْفَارِسِي (حم م عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(إِن الله خلق الْجنَّة) وَجمع فِيهَا كل طيب (وَخلق النَّار) وَجمع فِيهَا كل خَبِيث (وَخلق لهَذِهِ أَهلا) وهم السُّعَدَاء وحرّمها على غَيرهم (ولهذه أَهلا) وهم الأشقياء وحرّمها على غَيرهم وجمعهما جَمِيعًا فِي هَذِه الدَّار فَوَقع الِابْتِلَاء والاختبار بِسَبَب الِاخْتِلَاط ليميز الله الْخَبيث من الطّيب قَالَ السهروردي الرِّضَا والسخط نعتان قديمان لَا يتغيران بِأَفْعَال الْعباد فَمن رَضِي عَنهُ اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة وَمن سخط عَلَيْهِ اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل النَّار (م عَن عَائِشَة) قَالَت مَاتَ صبي فَقلت طُوبَى لَهُ عُصْفُور من عصافير الْجنَّة فَذكره وَزَاد فِي رِوَايَة بعد قَوْله أَهلا فهم بعملها يعْملُونَ
(إِن الله تَعَالَى) لكَمَال رأفته بِنَا (رَضِي لهَذِهِ الْأمة الْيُسْر) فِيمَا شَرعه لَهَا من الْأَحْكَام وَلم يشدّد عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا (وَكره لَهَا الْعسر) أَي لم يردهُ بهَا وَلم يَجعله عَزِيمَة عَلَيْهَا يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر (طب

1 / 253