Taysir Bayan
تيسير البيان لأحكام القرآن
Yayıncı
دار النوادر
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Yayın Yeri
سوريا
القَصْر (١)، واستدلوا بما أخرجه مسلمٌ عن كُرَيْبٍ: أنَّ أمَّ الفَضْل بنتَ الحارث بعثته إلى مُعاويةَ بالشامِ. قال: فقدمتُ الشامَ، وقضيتُ حاجتَها، واستهلَّ عليَّ رمضانُ وأنا بالشامِ، فرأيتُ الهِلالَ ليلةَ الجمعة، ثم قدمتُ المدينةَ في آخِر الشهرِ، فسألني عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ، ثم ذكرَ الهلالَ فقال: متى رأيتم الهلالَ؟ فقلتُ، رأيته ليلة الجمعة، فقال: أنتَ رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناسُ، وصاموا، وصامَ معاويةُ، قال: لكنْ رأيناه ليلةَ السبتِ، فلا نزالُ نصومُ حتى نكملَ ثلاثينَ يومًا، أو نراه، فقلتُ له: ألا تكتفي برؤية معاوية؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسولُ الله ﷺ (٢).
والقولُ الأول أولى.
فلقائلٍ أن يقول: حديثُ كريبٍ في غيرِ مَحَلِّ النِّزاعِ، فقد نقلَ ابنُ عبدِ البَرِّ الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما تباعدَ من البلدان (٣). والشامُ والحجازُ في غايةٍ من التباعدِ. وقولُ ابنِ عباسٍ: هكذا أمرنا رسولُ الله ﷺ يحتملُ أن تكونَ الإشارةُ إلى الحُكْمِ المعيَّن في القصة المذكورةِ، ويكون الأمرُ صريحًا منه ﷺ، ويحتمل أن تكونَ الإشارةُ إلى قوله: فلا نزال نصومُ حتى نكمل ثلاثين يومًا أو نراه؛ أي: في مثل هذا أمرنا رسول الله ﷺ، فيكون أمرًا ظاهرًا، لا نصًّا، وهذا الاحتمال أظهر، والله أعلم.
* ولما أمرنا الله -سبحانه- بالصيام عند شهادةِ الشهرِ، كانَ علينا واجبًا امتثالُ أمرِه، ولا نمتثله إلا بالقصد إليه، فكان بَيِّنًا ظاهرًا أنه لا يصحُّ الصومُ
(١) به قال إمام الحرمين، والغزالي، والبغوي. انظر: "المجموع" (٦/ ٢٨٠ - ٢٨١).
(٢) رواه مسلم (١٠٨٧)، كتاب: الصيام، باب: بيان أن لكل بلد رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم.
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٣/ ٢٨٣).
1 / 251