مفاتحته فى دار الدعوة ففاتحه بعد أن خرجا عنها بظاهر من الحق أو برمز من الباطن لم يصرح له فيه بالكشف فكان فى ذلك بمنزلة من لا علم معه كما كان المسافر الذي جامع امرأته لا ماء معه ويتيممان الصعيد وذلك مثل اكتفائهما بالظاهر إذا كانا فى موضع لا يوجب المفاتحة بالحقيقة وإن كانت لهما فى غير ذلك الموضع مباحة.
ويتلو ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سئل عن مثل ذلك فقال ائت أهلك وتيمم تؤجر فقال السائل يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأوجر قال نعم إذا أتيت الحلال أجرت كما أنك إذا أتيت الحرام أثمت، تأويل ذلك فى الباطن أن المفاتح إذا فاتح من أطلقت له مفاتحته على ما قدمنا من القول بما ينبغى له أن يفاتحه به أجر على ذلك وأثيب فيه.
فهذا، آخر باب التيمم من كتاب الدعائم وقد سمعتم فى هذا المجلس وفيما قبله ما جاء من أولياء الله أئمتكم صلى الله عليهم وسلم من القول فى ظاهر التيمم والحكم فيه وعن ولى زمانكم وأمركم وإمامكم وصاحب عصركم من باطن ذلك وبيان معانيه ما أوجبه الحد الذي أنتم فيه وقد تكرر عليكم قوله وأمره أن تقيموا ظاهر ذلك وجميع ما تعبدكم الله بإقامته وتقيموا كذلك أيضا باطنه كما أخذ فى العهد والميثاق عليكم وألزمتموه عند ذلك أنفسكم إذ سمعتموه وعاهدتم الله ووليه عليكم فأقيموا ظاهر دينكم وباطنه ولا يميل بكم مميل عن أحدهما فترفضوه أو تتهاونوا به أو تقصروا فيه فإنه لا يجزى إقامة الظاهر إلا بإقامة باطنه ولا إقامة الباطن إلا بعد أن يقام ظاهره كما لا يقوم روح فيكم إلا فى بدن ولا يقوم فيكم بدن إلا بروح والحذر الحذر ممن يزين لكم أو من يشبه عليكم أو من أن يجرى فى خواطركم أو تتوهمه أوهامكم أو أن يتصل ذلك بكم عن أحد فتقبلوه، إن فرض شيء من ظاهر ذلك أو من باطن سقط عنكم فإنما هلك من هلك ممن انتحل ما أنتم عليه بما رفضوا من الظاهر لما أعجبهم ما سمعوا من الباطل وهلك من خالفكم باقتصارهم على الظاهر وتكذيبهم بالباطن، أعانكم الله على أداء فرائضه وما تعبدكم به من دينه.
وصلى الله على محمد نبيه وعلى الأئمة من ذريته وسلم تسليما. حسبنا الله ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير.
Sayfa 132