علم ولا عمد وكان في افعالها ما قد تراه من الصواب والحكمة علم ان هذا الفعل للخالق الحكيم فإن الذي سموه طبيعة هو سنته في خلقه الجارية على ما اجراها عليه (1) (عملية الهضم وتكون الدم وجريانه في الشرايين والاوردة) فكر يا مفضل في وصول الغذاء الى البدن وفيه من التدبير فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق دقاق واشجة (2) بينهما قد جعلت كالمصفى للغذاء لكيلا يصل إلى الكبد منه شئ فينكأها (3) وذلك ان الكبد رقيقة لا تحتمل العنف ثم ان الكبد تقبله فيستحيل بلطف التدبير دما وينفذه إلى البدن كله في مجارى مهيئة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء ليطرد في الأرض كلها وينفذ ما يخرج من الخبث
---
(1) أي ظاهر بطلان هذا الزعم، والذي صار سببا لذهولهم إلى إن الله تعالى أجرى عادته بأن يخلق الأشياء بأسبابها، فذهبوا إلى استقلال تلك الاسباب في ذلك. وبعبارة أخرى إن سنة الله وعادته قد جرت لحكم كثيرة، فتكون الاشياء بحسب بادي النظر مستندة إلى غيره تعالى، ثم - يعلم - بعد الاعتبار والتفكر - إن الكل مستند إلى قدرته أو تأثيره تعالى، وإنما هذه الأشياء وسائل وشرائط لذلك ومن هنا تحيروا في الصانع تعالى. (من تعليقات البحار) (2) الواشجة: مؤنث الواشج اسم فاعل بمعنى المشتبك، يقال: وشجت العروق والاغصان إذا اشتبكت. والمراد بالواشجة هنا الموصلة أو الواصلة. (3) نكأ القرحة قشرها قبل أن تبرأ فندبت.
--- [ 20 ]
Sayfa 19