فأما من دخل النار من أهل الكلمة ، فلقلة صدقه في قولها ، فإن هذه الكلمة إذا صدقت طهرت القلب من كل ما سوى الله ، ومتى بقي في القلب أثر لسوى (5) الله ، فمن قلة الصدق (6) في قولها من صدق في قوله لا إله إلا الله ، لم يحب سواه ، ولم يرج إلا إياه, ولم يخش أحدا إلا الله, ولم يتوكل إلا على الله, ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه (1) .
ومع هذا فلا تظنوا أن المراد أن المحب مطالب بالعصمة ، وإنما هو مطالب كلما زل أن يتلافى تلك الوصمة .
وقال زيد بن أسلم : إن الله ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول : اذهب فاعمل ما شئت فقد غفرت لك (2)
وقال الشعبي إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنبه (3)
وتفسير هذا الكلام أن الله - عز وجل - له عناية بمن يحبه من عباده ، فكلما زلق ذلك العبد في هوة أخذ بيده إلى الاعتذار ، ويبتليه بمصائب مكفرة لما جنى
وفي بعض الآثار : يقول الله : - أهل ذكري أهل مجالستي ، وأهل طاعتي أهل كرامتي, وأهل معصيتي لا أيئسهم من رحمتي ، إن تابوا فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب - (4) .
Sayfa 52