وَبعد فقد ظهر صدق كثير من الْأَخْبَار فَلم يكن أحد الْوَجْهَيْنِ بِهِ أولى من الآخر إِلَّا بِدَلِيل يُوضح وَالله الْمُوفق
وَقد يُعَامل بالمعاملة الوحشة وَضرب مِمَّا يُؤْذِيه ويؤلمه حَتَّى يضْطَر إِلَى القَوْل بِمَا لَا يحْتَمل مَعْرفَته إِلَّا بالْخبر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وعَلى مثله قَول المقرين بِعلم العيان وَالْخَبَر المنكرين لعلم الإستدلال على عقله لوجوه الْمَنَافِع فِي الدُّنْيَا ولعواقب مأمولة لَيْسَ عِنْده علم من جِهَة العيان وَالْخَبَر وَإِنَّمَا ذَلِك بالإستدلال وَمَا فِي ذَلِك من ظنون الْإِصَابَة وَكَذَا معرفَة صدق الْإِخْبَار وَكذبه مَعَ مَا يُقَال لَهُ فِي كل شَيْء يعلم مِمَّا لَيْسَ فِيهِ علم الْحس بِمَ علمت ذَلِك فَإِن قَالَ بالْخبر يسْأَل عَن معرفَة صدقه وَكذبه وَتدْخل ذَلِك فِي جَمِيع الملاذ والمضار مِمَّا يتقى وَيُؤْتى مَعَ مَا كَانَت الضَّرُورَة تلْزم النّظر بِمَا عاين وَسمع ليعلم منشأ الْعَالم أَو حَدثهُ وَقدمه
وَبعد فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْء يمْنَع الإستدلال لَهُ خبر فِي الْمَنْع أَو عيان فَكَأَنَّهُ بالإستدلال يمْنَع القَوْل بِهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَبعد فَإِن معرفَة إِنْسَان أَو نَار أَو شَيْء بِالَّذِي شوهد مرّة لَا يخرج إِلَّا على الإستدلال بِالَّذِي عرف وَلَو لم يدله للزمه أَن لَا يُعَامل أحدا قطّ ثمَّ لَا يقبل تَعْلِيم أحد لِأَنَّهُ لَا دَلِيل عِنْده يعلم أَنه من وَيجوز أَن يُوجد بِخَبَرِهِ أَو لَا ثَبت أَن كل ذَلِك إستدلال وَهُوَ لَازم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
مَسْأَلَة
فِي دلَالَة الشَّاهِد على الْغَائِب
قَالَ أَبُو مَنْصُور ﵀ ثمَّ اخْتلف فِي وَجه دلَالَة الشَّاهِد على الْغَائِب فَمنهمْ من يَقُول على مثله إِذْ هُوَ أصل للَّذي غَابَ عَنهُ وَلَا يُخَالف الأَصْل
1 / 27