وعلى فرض صحة الرواية في ذلك، فيحتمل أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يفعل ذلك في صلاة نافلة بعدما تعب، أما لو كان ذلك في فريضة لما ترك الحديث به آلاف الصحابة وتحدث به من لم تعرف صحبته!!
(3) أنه روي القول بالإرسال عن سادات أهل البيت كعلي بن الحسين، وجعفر الصادق، والقاسم بن إبراهيم، والهادي، والناصر، وكذلك صح عن كبار التابعين كسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين وغيرهم، وذلك يدل على أن الضم لم تكن معروفا أصلا، أو أنها كانت مجرد رخصة في النافلة عند التعب، وهذا هو الأقرب كما ترى؛ لأن من البعيد أن تكون أحاديث الضم التي بلغتنا بعد قرون لم تبلغهم والعهد قريب، وهم من أكثر الناس اهتماما بمعرفة ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفقهه، كما أنه من البعيد أن يكونوا تركوا ذلك تعنتا وإصرارا على مخالفة المشروع، فقد عرف عنهم شدة تمسكهم بالسنة واقتفاء نهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وليس ثم ما يدفعهم لمخالفة ذلك.
فان قيل: قد روي الضم عن بعض الصحابة والتابعين ومن البيعد أن يكونوا قد اخترعوا ذلك من تلقاء أنفسهم وأدخلوه في الشرع؛ لأنهم أيضا أهل ورع واستقامة، إضافة إلى أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ذلك من خلق الأنبياء.
قلنا: نحن نوافقكم على ذلك، والجمع بين القولين ممكن ومعقول، وهو أن الضم شرع في النافلة وشرع الإرسال في الفريضة.
فإن قيل: ولما لا يكون العكس هو الصحيح، وهو: أن الإرسال رخصة في النفل والضم سنة في الفرض؟
قلنا: لأن جميع ما ذكرنا من الشواهد تدل على عكس ذلك.
Sayfa 84