الابيات الاربعة تقدم أن المقال تارة يكون صعبا متشعبا لكثرة فصوله وتارة يكون سهلا وعلى كل حال فتقييد المقال المتضمن للدعوى امر مشروع عند العلماء وانما الكلام في الوجوب وعدمه فذكر الناظم هنا أنه إذا كان الوجه الاول وجب تقييد المقال لا سيما أن انضم إلى ذلك كثرة المال المتنازع فيه لأن تقييده يضبط الاحكام وينحصر به ناشئ الخصام فلا يقدر المدعي أن ينتقل من دعوى إلى اخرى ولا على زيادة شيء آخر إذا حصر دعواه فيما قيده حصرا بالفعل فإن زاد بعد الحصر شيئا لم تقبل زيادته أن امتنع خصمه من ذلك وان انتقل إلى اخرى بطلت دعواه جملة لاضطرابه. وان كان الوجه الثاني فترك التقييد حسن إذ ربما يكون تلقي الدعوى وفهمها بالكلام اسهل للفهم من الكتاب والاحسن التقييد لاهل هذا الزمان كما تقدم إلا إذا كان المال قليلا بحسب # العرف بحيث تضره المصاريف فلا يحسن التقييد كما قال وتكون النازلة شفاهية. والمراد بالوجوب هنا الوجوب الصناعي عند اهل الفن لا الوجوب الشرعي الذي يكون في فعله ثواب وفي تركه عقاب. وقوله اقرب بالرفع خبر المبتدأ الذي هو قول المجرور برب وجملة كان بالخطاب صفة لقول. وقوله الامر خفيف بين مبتدأ وخبر ونعت ومنعوت فائدة قال الزرقاني عند قول الشيخ خليل وملك الصيد المبادر لو تكررت شكوى شخص بآخر فإن للمشكو أن يرفع الشاكي للحاكم ويقول له أن كلن لك شيء عندي فيدعي به فإن أبى من ذلك حكم له بانه لا حق له بعد ذلك وليس له شكوى قطعا للنزاع. (قلت) قوله حكم له بانه لا حق له بعد ذلك الخ أي فيما كان يدعيه قبل الحكم أما ما كان محدثا بعد الحكم فله القيام به وتسمع دعواه فيه وهاته المسألة تعرف عندنا بالتقييد أو الاسقاط قطعا للمشاغبة على أن ذلك لا يكون إلا بعد التكرار كما قال لا من اول شكوى كما فعله بعض القاصرين من المعاصرين والله الموفق للصواب (ترتيب حسن) لكلام الناظم فصل في المقال والجواب
والكتب يقتضي عليه المدعي ... من خصمه الجواب توقيفا دعي
ويوجب التقييد للمقال ... تشعب الدعوى وعظم المال
لانه اضبط للاحكام ... ولانحصار ناشيء الخصام
وحيثما الامر خفيف بين ... فالترك للتقييد مما يحسن
فرب قول كان بالخطاب ... اقرب للفهم من الكتاب
وكل ما افتقر للتأمل ... فالحكم نسخه وضرب الاجل
وما يكون بينا أن لم يجب ... عليه في الحين فالاجبار يجب
وطالب التأخير فيما سهلا ... لمقصد يمنعه وقيل لا
ومن أبى اقرارا أو انكارا ... لخصمه كلفه اجبارا
فان تمادى فلطالب قضي ... دون يمين أو بها وذا ارتضى
وخصم أن يعجز عن القاء الحجج ... لموجب لقنها ولا حرج # ومنع الإفتاء للحكام ... في كل ما يرجع للخصام
Sayfa 44