يعني أن معرفة المدعي من المدعي عليه وتمييز احدهما عن الاخر جامع ومحصل لوجه القضاء لأن علم القضاء وصناعته تدور على معرفتهما قال سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه من عرف المدعي من المدعي عليه فقد عرف وجه القضاء ويعني بوجه القضاء هو أن البينة على المدعي واليمين على ما انكر. وقوله تمييز مبتدأ وجملة القضاء مضاف ومضاف اليه بالنصب مفعول مقدم لجمعا والفةه للاطلاق وفي جمعا # ضمير مستتر تقديره هو يعود على المبتدأ والجملة من الفعل والفاعل والمفعول خبره والرابط بينهما الضمير المستتر. واذا اردت ايها القاضي المنتصب لخطة القضآء معرفة ما يتميز به كل واحد من المدعي والمدعي عليه (فالمدعي من قوله مجرد. من اصل أو عرف) البيتين يعني أن المدعي هو الذي عريى قوله عن اصل أو عرف يشهد له بصدقه بحيث تكون دعواه مجردة من الاصل والعرف معا لا يوافقها واحد منهما وان المدعي عليه هو الذي عضد مقاله ونصره عرف أو اصل فاحدهما كاف فمثال شهادة الاصل من ادعى دينا على رجل فانكره وادعى براءة ذمته فالذي ادعى براءة ذمته مدعى عليه لأن الاصل براءة الذمة ومن شهد له الاصل فهو مدعى عليه والذي ادعى عمارة ذمة غيره مدع لأنه لم يشهد له اصل ولا عرف. ومثال شهادة العرف اختلاف الزوجين في متاع البيت فمن شهد له العرف بانه يليق به فهو مدعى عليه ومن لم يشهد له العرف بذلك فهو مدع. واذا شهد لاحدهما الاصل وللاخر العرف والغالب فإن من شهد له الاصل مدع فلهذا يطالب بالبينة ومن شهد له العرف والغالب مدعى عليه يطالب باليمين وهو كثير في العقود مثاله إذا اختلف متعاقدان في عقد فقال احداهما العقد صحيح وقال الاخر العقد فاسد ومن المعلوم أن عقود المسلمين الاصل فيها الصحة مالم يغلب الفساد فاذا غلب عليها الفساد فانها تحمل عليه فيصير القائل بالصحة مدع والقائل بالفساد مدعى عليه فيقدم الغالب على الاصل إلا في مسألة البينة على المدعي واليمين على من انكر فإن المدعي ولو كان اصلح الناس والمدعي عليه افجر الناس فانه يطالب بالبينة مع أن الغالب صدقه الاصل الذي هو براءة الذمة على الغالب الذي هو صدق الرجل الصالح. ولو شهد العرف لكل واحد منهما فهما مدعيان كما سيأتي عند قوله وان متاع البيت فيه اختلفا. الابيات كما إذا لم يشهد لكل واحد منهما شيء لا اصل ولا عرف وهو معنى قوله الاتي. والشيء يدعيه شخصان معا. الابيات فهما مدعيان كما قال. وقوله عضدا بتخفيف الضاد كنصر وزنا ومعنى والفه للاطلاق. وقوله عرف أو اصل لا حاجة إلى تقدير كون أو معنى # الواو لأن أو إذا وردت عقب نفى تسلط النفي على متعاطفيها جميعا في الغالب وهي هنا وقعت اثر مجرد الذي هو في معنى النفي والسلب أي لم يقرن مقاله بواحد منهما والواو على عكسها فاذا وقعت بعد نفي فانما ينصب على ما تفهمه من معنى الجمع على ما هو الغالب أيضا وقد نظم الامرين بعضهم فقال
والواو بعد النفي في العطف اتت ... لمطلق الشمول إلا أن اتت
قرينة فلشمول العدم ... وأو اتت بعكس ذاك فاعلم قوله
(وقيل من يقول قد كان ادعى ... ولم يكن لمن عليه يدعى)
ما نظمه في هذا البيت تعريف ابن المسيب رضي الله تعالى عنه حيث قال كل من قال قد كان فهو مدع وكل من قال لم يكن فهو مدعى عليه قال الشيخ مياره ونقض هذا التعريف بدعوى المرأة على زوجها الحاضر أنه لم ينفق عليها وقال هو اتفقت فهي مدعية وهو مدعى عليه لشهادة العرف وهو أن الحاضر ينفق على زوجته والتعريف يقتضي العكس لانها نافية وهو مثبت ولهذا ضعفه الناظم بقيل التي تقتضي التعريض قال الشيخ ابن رجال قد يقال هذا التعريف هو الحق وما رد به على صاحبه يجاب عنه بان المثبت في هذه الصورة هو المدعى ولكن رجح قوله بشهادة العرف بمنزلة المدعي الذي لا خلاف فيه أنه مدع إذا قام له شاهد حقيقي وقد اختلف في العرف هل هو بمنزلة شاهد واحد أو شاهدين ومر خليل على أنه بمنزلة شاهد واحد ولذلك يحلف من وافقه فشد شدك عليه. قلت وعلى هذا لو قال الناظم رحمه الله تعالى
فكل من يقول قد كان ادعى ... ولم يكن لمن عليه يدعى
مقتصرا عليه لكان اخصر واظهر (تنبيه) قد يطلق المدعي على الجالب (خ) وامر مدع تجرد قوله عن مصدق بالكلام وإلا فالجالب والذي في كلام الناظم هو المصطلح عليه (ثمشرع) في بيان المدعى فيه فقال # (والمدعى فيه له شرطان ... تحقق الدعوى مع البيان)
Sayfa 25