103

إلا لما حلله ربنا في الشرع بالإبرام والعقد

فعد من طرق الهوى معرضا

وقف بباب الواحد الفرد

وسله يشفيك ولا يبتلي

قلبك بالتعذيب والصد

وعف في العشق ولا تبده

واصبر وكاتم غاية الجهد

فإن تمت محتسبا صابرا

تفز غدا في جنة الخلد(284)

وأما من احتج على جواز العشق بترخص بعض العلماء بذكر أقوال العشاق، وذكر قصصهم وأخبارهم_فيقال له: إنما كان ذلك منهم من باب الاستشهاد، وتصوير الحال، ثم بعد ذلك يوقفون القارىء على الحكم في هذه المسألة، كما في صنيع ابن الجوزي في كتابه (ذم الهوى) وابن القيم في (الجواب الكافي)، و(روضة المحبين) وغيرها من كتبه.

بل إن ابن حزم×لما ألف كتابه (طوق الحمامة في الألفة والألاف) وذكر فيه طرائق أهل العشق قال في آخره: =وأنا أستغفر الله_تعالى_مما يكتب الملكان، ويحصيه الرقيبان من هذا وشبهه_استغفار من يعلم أن كلامه من عمله.

ولكنه إن لم يكن من اللغو الذي لا يؤاخذ به المرء فهو_إن شاء الله_من اللمم المعفو+(285).

وقال×على سبيل الوعظ:

رأيت الهوى سهل المبادي لذيذها

وعقباه مر الطعم ضنك المسالك

ومن عرف الرحمن لم يعص أمره

ولو أنه يعطي جميع الممالك(286)

وأما من ابتلي بالعشق من أهل الفضل فغاية أمره أن يكون ذلك من سعيه المعفو المغفور، لا من سعيه المبرور المشكور.

وإن كان لم يكتم في عشقه كان ذلك منقصة في حقه؛ إذ أعان بذلك على أن يتسلط الناس على عرضه، ويشمتون به(287).

وليس في ذلك حجة لمن أراد أن يقتدي به، وإن كان لأحد رغبة في الاقتداء بذلك الفاضل فليكن في أي جانب من جوانب فضله، لا في الجانب الذي يعد زراية به.

وأما القول بأن للعشق فضائل كما ذكر قبل قليل فيقال: بأن هذه الفضائل تحصل في العشق بمفهومه الشامل كما ذكر في فقرة سابقة.

ولو فرض أن هذه المنافع تحصل بالعشق المعهود لما أربت على مفاسده ومضاره، وما كان ضرره أكثر من نفعه_فالمتعين تحريمه، وتركه، وتجنب السبل المفضية إليه.

Sayfa 103