روحك، متطلعًا للقيام عند النشور إلى غضب الله ﷿ وعقابه، أو إلى رضا الله ﷿ وثوابه، وأنت مع توقع ذلك معروضة روحك على منزلك من الجنة أو مأواك من النار، فيا حسرات روحك وغمومها، ويا غبطتها وسرورها.
حتى إذا تكاملت عدة الموتى، وخلت من سكانها الأرض والسماء، فصاروا خامدين بعد حركاتهم، فلا حسَّ يُسمع، ولا شخص يُرى (١)، وقد بقي الجبار الأعلى (٢) كما لم يزل أزليًا واحدًا منفردًا بعظمته وجلاله، ثم لم يفجأ روحك إلا بنداء المنادي لكل الخلائق معك للعرض على الله ﷿ بالذل والصغار منك ومنهم (٣) .
فتوهم كيف وقع الصوت في مسامعك وعقلك، وتفهَّم بعقلك بأنك تُدعى (٤) إلى العرض على الملك الأعلى (٥)، فطار فؤادك وشاب رأسك للنداء، لأنها صيحة واحدة بالعرض على ذي الجلال والإكرام والعظمة والكبرياء.
فبينا أنت فزع للصوت إذ سمعت بانفراج الأرض عن رأسك، فوثبت مغبرًا من قرنك إلى قدمك بغبار قبرك، قائمًا على قدميك، شاخصًا ببصرك نحو النداء، وقد ثار الخلائق كلهم معك ثورة واحدة وهم مغبرون (٦) من غبار الأرض التي طال
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [يرا] .
(٢) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [الأعلا] .
(٣) قال تعالى ﴿يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسًا﴾ طه /١٠٨.
وقوله: ﴿وخشعت الأصوات للرحمن﴾ قال ابن عباس: سكنت. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: يعني وطء الأقدام. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿فلا تسمع إلا همسًا﴾ الصوت الخفي وهو رواية عن عكرمة والضحاك وقال سعيد بن جبير ﴿فلا تسمع إلا همسًا﴾ الحديث وسره، ووطء الأقدام. فقد جمع سعيد كلا القولين.
(٤) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [تدعا] .
(٥) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [الأعلا] .
(٦) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [مغبرين] .
1 / 9