فتوهم ممرك على الجسر بشدة الخوف وضعف البدن، وإن يكن مغضوبًا عليك غير معفي (١) عنك، ولم تشعر إلا وقد زلَّت (٢) قدمك عن الصراط.
فتوهم (٣) نفسك - إن لم يعف عنك - أن زلت رجلك عن الصراط، فقلت في نفسك مع ذلك: ذهبتُ أبدًا، هذا الذي كنت أحاذر وأخاف، وطار عقلك. ثم زلت الأخرى فتنكست هامتك، وارتفعت عن الصراط رجلاك فلم تشعر إلا والكلُّوب قد دخل في جلدك ولحمك، فجذبتَ به، وبادرت إليك النار ثائرة غضبانة لغضب مولاها، فهي تجذبك وأنت تهوى من الجسر وتنادي حين وجدت مسَّ نفحها: ويلي ويلي، وقد غلب على قلبك الندم والتأسف، ألا كنتَ أرضيت الله ﷿ فرضي عنك، وأقلعت عماَّ يكره قبل أن تموت فغفر لك، حتى إذا صرتَ في جوفها التحمت عليك بحريقها، وقلبك قد بلغ غاية حرقته ومضيضه، فتورمتَ في أول ما ألقيت فيها، ونادى (٤) الله ﷿ النار وأنت مكبوب على وجهك تنادي بالويل والثبور، فناداها ﴿هَلِ امْتَلأتِ﴾ (٥)؟ فسمعتَ نداءه وسمعتَ إجابتها له: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيد﴾؟ يقول: هل من سعة؟ وأنت
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [معفا] .
(٢) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(٣) كسابقه.
(٤) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [ونادا] .
(٥) ق /٣٠.
1 / 37