بالكآبة والحزن سرورًا في قلبك، فأسفر وجهك وابيضَّ لونك.
فتوهم رضاه عنك حين سمعته منه، فثار في قلبك فامتلأ سرورًا وكدت أن تموت فرحًا وتطير سرورًا، ويحق لك، فأي سرور أعظم من السرور والفرح برضا الله ﷿؟ ! فو الله تعالى لو أنك مت فرحًا في الدنيا حين توهمت رضاه في الآخرة لكنت بذلك حريًا، وإن كنت لم تستيقن برضاه في الآخرة، ولكن آملًا لذلك، فكيف بك مستيقنًا له في الآخرة، ولو توهمت نفسك، وقد بدا لك منه الرحمة والمغفرة كنت حقيقًا أن تطير روحك من بدنك فرحًا، فكيف أن لو قد سمعتَ من الله ﷿ الرضا عنك والمغفرة لك، فأمن خوفك، وسكن حذرك وتحقق أملك ورجاؤك بخلود الأبد، ولأيقنت بفوزك ونعيمك أبدًا [لا يفنى] (١) ولا يبيد بغير تنقيص ولا تكذيب.
فتوهم نفسك بين يدي الله ﷿ وقد بدا لك منه الرضا، وطار قلبك فرحًا، وابيضَّ وجهك وأشرق وأنار وأحال عن خلقته، فصار كأنه القمر ليلة البدر. ثم خرجتَ على الخلائق مسرورًا بوجهٍ محبور قد حل به أكمل الجمال والحسن، يسطع نورًا مشرقًا بتلألئه،
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [ألا يفنا] .
1 / 29