[بيعته وبعض من أخباره]
[40] قال أبوالعباس الحسني بإسناده هذا عن نصر بن مزاحم المنقري، عن موفق قال: كنت واقفا في سوق الكيل «بالسوق» في بعض حوائج محمد عليه السلام إذ وقف علي فارس حسن اللحية ممتد القامة عليه ثياب ودرع بيضاء وعمامة خز، وكان راكبا على فرس كميت أغر، فسلم فرددت عليه السلام، فقال: يا موفق إنك قد وصفت لي بخير، وقد رجوت أن تكون موضعا لسري، والصنيعة عندي، فهل أنت مصدق لي ظني ومتلطف لي في حاجتي؟
فقلت: ما أحقك رحمك الله بأن يصان سرك ويرغب في اليد عندك، فأما الحاجة فقد كنت لا أضمنها إلا بعد المعرفة فإن قدرت على قضائها قضيت، وإن تكن الأخرى لم أكن عندك في حد أهل الغدر والكذب.
قال: فتبسم، ثم قال: صدقت وبرزت حاجتي أن يستأذن لي على أبي عبد الله لأسلم عليه وأجدد عهدا به وأقضي ما أوجب الله علي من حقه.
قال: فسكت متفكرا في حاجته وارتج علي جوابه ولم أدر ما أقدم عليه إن أذنت له من موافقه محمد، وعظم علي رده لما رأيت من حسن منظره وكمال هيئته ورأى التحير والإفحام في وجهي، فقال لي: أو غير هذا؟
قلت: وما هو؟
قال: توصل إليه كتابي، ثم يكون هو بعد يرى رأيه في الإذن لي.
فقلت: ذلك إليك، فدفع إلي كتابا فيه هذا الشعر:
عزب المنام فما أذوق مناما .... والهم يضرم في الفؤاد ضراما
بل كيف أهجع أو ألائم مضجعا .... والدين أمسى أهله عواما
في بحر جور زاخر وعماهة .... في فتنة لايعرفون إماما
أمسى يسوس المسلمين عصابة .... لايعرفون محللا وحراما
...إلى آخر القصيدة.
قال موفق: فأتيت به محمدا فقال: التمس لي هذا الرجل فأدخله علي سرا لا يعلم به أحد، فلما عاد إلي نصر أدخلته إليه، فاستخليا ناحية من الدار، فلما أصبحنا قال نصر: يا بن رسول الله إني أريد الموقف، ولست أدري ما أنا عليه منك، ولا ما الذي أنصرف به من عندك، فما الذي تأمرني به؟
Sayfa 461