[مطاردته وسجنه]
فاجتمعت الشيعة إلى الحسن عليه السلام ودعوا الناس إلى مكاتفته على الدعاء إلى الحق، وكان مستترا بالبصرة، والشيعة تلقى بعضها بعضا بأسبابه، فسعى به قرين بن يعلى الأزدي إلى أبي جعفر، فأعطاه ثلاثة آلاف درهم، وأرسل معه مرغيد النصراني في جماعة من الأعوان، وكتب إلى صاحب البصرة في السمع لهم والطاعة، فأقبلوا حتى نزلوا البصرة، وأقبل مرغيد يظهر العبادة والتأله ومذهب الشيعة، ومضى قرين إلى الحسن فأخبره خبره، وعرف بينه وبين الشيعة، فجعلت الشيعة تصف نسكه للحسن حتى كان الحسن مشتهيا للقائه، ومرغيد مع ذلك لا يدع صلة الحسن بالأموال، ويقول:استعن بها على أمرك، وكلما كتب إليه الحسن كتابا وضعه على عينه وأكل ختمه؛ يريه بذلك في رأي العين التبارك...إلى أن قالت له الشيعة يوما: إن الحسن يشتهي لقاءك، فقال: أخشى أن أشهر نفسي، ولكن أنا في حجرة فلو جاءني مع هذا وأومى إلى قرين رجوت أن يكون أغبى لأمره، فأجابته الشيعة إلى ذلك، وعمد مرغيد فهيأ القيود والرجال، فلما وافاه الحسن قيده وحمله من ساعته إلى أبي جعفر على البريد، فلما وصل إليه الحسن أمر بحبسه وبعث عميرا مولاه، فأخذ قرينا وأخاه فعذبهما حتى قتلهما.
فقال في ذلك بعض الشيعة:
حمدت الله ذا الآلاء لما .... رأيت قرين يحمل في الحديد
ثم إن سليمان بن الجنيد الطحاوي الصيقل عمل في خلاص الحسن بعد وفاة أبي جعفر من السجن، وقد كان الحسن دفع إلى سليمان ابنه وابنته فسماهما بغير اسميهما ورباهما، وكان اسم ابنه عبد الله، «واسم» ابنته خديجة، فلما أفضت الخلافة إلى الملقب بالمهدي أطلق كل من كان في حبوسه غير الحسن ورجل من آل مروان، وقال سليمان للحسن:قد كنت أظن أنك ستطلق، فما أرى القوم مخرجوك ما دمت حيا، ولو كان ذلك في أنفسهم لأخرجوك مع من قد أخرجوا، فهل لك «في» أن أعمل في إخراجك فتخلص إن قدرت على ذلك؟ قال: على اسم الله.
Sayfa 411