[خطبته بعد عزمه على الاعتزال]
وقال في خطبة خطبها بعد عزمه على الاعتزال:
ثم إنكم معاشر المسلمين أقبلتم علي بعد موت الهادي رضي الله عنه وأردتموني على قبول بيعتكم فامتنعت مما سألتموني ودافعت بالأمر ولم أؤيسكم من إجابتكم إلى ما طلبتم مني، خوفا من استيلاء القرمطي لعنه الله على بلادكم، وتعرضه للضعفاء والأيتام والأرامل منكم ، فأجريت أموركم على ما كان الهادي رضي الله عنه يجريها، ولم أتلبس بشيء من عرض دنياكم، ولم أتناول قليلا ولاكثيرا من أموالكم، فلما أخزى الله القرمطي: ?وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا?[الأحزاب:25]، تدبرت أمري وأمركم، ونظرت فيما أتعرضه من أخلاقكم، فوجدت أموركم تجري على غير سننها، وألفيتكم تميلون إلى الباطل وتنفرون عن الحق وتستخفون بأهل الصلاح والخير والدين والورع منكم، لاتتناهون عن منكر تفعلونه، ولاتستحيون من قبيح تأتونه وذنب عظيم ترتكبونه، ولا تتعظون بوعظ الواعظين، ولا تقبلون نصح الناصحين، بل تجرون في غيكم، وعن أمر الله إلى نهيه عادلين، وعن من يأمركم بطاعة الله مزورين، وعنه نافرين، وإلى أعداء الله وأعداء دينه الجهال الفساق راكنين، وقد قال الحكيم العليم في محكم التنزيل: ?ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون?[هود:113].
Sayfa 535