[وفاته ووصيته لأبي السرايا]
قال نصر بن مزاحم:رجع أبو السرايا والناس من الوقعة وقد طعن محمد عليه السلام على خاصرته، وهو يجود بنفسه، فقعد عند رأسه، ثم قال: يا بن رسول الله، إن كل حي ميت، وكل جديد بال، وهذا مقام فراق، ومحل وداع، فمرني بأمرك، وأودعني وصيتك.
فقال عليه السلام: أوصيك بتقوى الله، فإنها أحرز جنة، وأمنع عصمة، والصبر فإنه أفضل مفزع وأحمد معول، وأن تستتم الغضب لربك، وتدوم على منع دينك، وتحسن صحبة من استجاب لك، وولي الناس الخيرة لأنفسهم في من يقوم مقامي فيهم من آل علي عليه السلام فإن اختلفوا فالأمر إلى علي بن عبيد الله بن الحسين، فإني قد بلوت دينه ورضيت طريقته، فارضوا به، واسكنوا إليه، وأحسنوا طاعته تحمدوا رأيه وبأسه.
ثم اعتقل لسانه عليه السلام وهدأت جوارحه فغمضه أبو السرايا وسجاه، وكتم أمره، فلما كان الليل غسله وأدرجه في أكفانه ثم شده على حمار فأخرجه هو ونفر من الزيدية إلى الغري، فلما استودعه قبره قال أبو السرايا:يرحمك الله ياأبا عبد الله عشت بقدر، ومت بأجل، عمرت فعملت، ودعيت فأجبت، أما والله لقد كنت وفي العهد، ومحكم العقد لطيف النظر، نافذ البصر، ثم بكى، وقال منشدا:
عاش الحميد فلما أن قضى ومضى ....كان الفقيد فمن ذا بعده خلف
Sayfa 470