Afgan Tarihi Üzerine Ek Bilgiler
تتمة البيان في تاريخ الأفغان
Türler
3
واستولى على كرمان بدون تعب إلا القلعة التي هي مقر الحكومة فإنه لم يتمكن من أخذها وتركها لمحافظيها على أن يأخذ منهم ألفين وخمسمائة تومان «كل تومان يساوي نصف جنيه إنجليزي.» وقد أيقن الأهالي، وتجسم في مخيلتهم، أن محمودا هذا هو غضب الله النازل على دولة إيران الموجب لخراب أصفهان، كما أخبر به العلماء والمنجمون، ثم عطف محمود عنانه إلى مدينة «يزد» يريد افتتاحها، فلم يقدر، فتركها، وتوجه على خط مستقيم إلى مدينة أصفهان كرسي مملكة الشاه، فلما صار على مقربة من أصفهان أرسل إليه الشاه رسولين يرجوانه في كف يد الإغارة والعودة إلى بلاده في نظير أن يعطيه خمسة عشر ألف تومان، فكانت هذه الرسالة دليلا عند محمود على استيلاء الضعف على الإيرانيين وتمكن الرعب من قلوبهم فلم يعبأ بهما وذهب إلى «كلتاد» «قرية على فرسخين من أصفهان» وعسكر عندها، وحفر حول عساكره خندقا؛ لعلمه بأن ستقع هناك محاربة بينه وبين عساكر الشاه، والتحق بعساكر محمود كثير من المجوس الذين على دين «زرتشت»؛
4
رجاء أن تسلط محمود يكون سببا لتخليصهم من جور الشيعة، ولتسلط الوهم على الشاه جمع الأمراء والوزراء يشاورهم في الأمر، فقال محمد قلي خان الذي كان وزيرا: «إن الأفغانيين وإن كان لهم جلادة وثبات في الميدان إلا أن ليس لهم قدرة على فتح القلاع، فالرأي أن نجعل عساكرنا في قلاع أصفهان وندافع عنها فإذا عجزوا عن فتحها تركوها ورجعوا إلى بلادهم كما فعلوا في كرمان ويزد.» واستحسن الشاه هذا الرأي، فقام والي عربستان «خان أهواز» وتكلم بالحمية والحماسة قائلا: «هذه غاية الجبن والضعف، كيف نرضى أن محمودا يحاصر مدينة أصفهان بشرذمة قليلة من الأفغانيين وهي كرسي دولة شاه إيران؟! الرأي أن نبرز إليهم ونحاربهم حيث هم معسكرون.» فتحرك عرق حمية الشاه، وبعث بخمسين ألفا مع عشرين مدفعا لملاقاة محمود، ولما تلاقى الجمعان عند قرية كلتاد رتب كل ميمنته، وميسرته، وقلبه، وركب محمود على فيل، وأخذ يدور حول عساكره ويجول فيما بينهم ويذكرهم بالفخر والمجد اللذين اكتسبوهما في الحروب السابقة، ويقول: «إن غلبتم عدوكم فمدينة أصفهان جزاء أتعابكم، وإن انهزمتم فلا مفر من الموت؛ لبعد الشقة بينكم وبين بلادكم، فتتجرعون سم الأجل بالذل والفضيحة.» وكان بين معسكرهم ومدينة قندهار خمسون مرحلة مع انقطاع المواصلات بينهم وبين هذه المدينة وقتئذ.
ولم يكن عند الأفغانيين مدافع، ولكن كان معهم مائة زنبورك «وهو شيء يشبه المدفع يحمل على الجمل ويطلق وهو فوقه» فأناخ الأفغانيون جمال الزنبورك وراء معسكرهم، ثم ابتدأ الإيرانيون بالقتال فهجمت ميسرتهم على ميسرة الأفغانيين، فتقهقر الأفغانيون منكسرين فغنمت منهم بعض الغنائم، ثم هجمت ميمنة الإيرانيين فتقهقرت ميمنة الأفغانيين، بخدعة حربية، فأغارت خيالة الإيران على عسكرهم، فلما دخلت الخيالة في المعسكر انشق عسكر الأفغان إلى فرقتين، وأطلق الزنبورك على الخيالة، فتساقطوا تساقط ورق الشجر في فصل الخريف، وهجم وقتئذ «أمان الله خان» الأفغاني على مؤخرة العساكر الإيرانيين فقتل الطبجية، وأخذ المدافع، وأمر بإطلاقها على عساكر الشاه، فلم يمض إلا قليل زمن، حتى انهزموا وتفرقوا، وتركوا جميع لوازمهم غنيمة للأفغانيين، فلما وصل خبر الهزيمة إلى أصفهان اهتزت له القلوب، واضطرب الشاه، وجمع وزراءه للاستشارة، وقال: «إن من الرأي أن نترك أصفهان، ونأخذ الخزينة معنا ونشتغل بجمع العساكر الشاهانية، ثم نهاجم الأفغانيين من خلفهم ونستأصلهم.»
فقبل هذا الرأي عند محمود قلي خان الوزير، ولم يقبله والي عربستان المذكور لأمر سنشير إليه، وقال: «لا يليق بالسلطان أن يترك كرسي مملكته لهزيمة واحدة فإن هذا آية الضعف، وموجب لنفرة قلوب الأهالي منه.» فأخذوا في تهيئة لوازم الدفاع والاستعداد للمحاصرة. وكان محمود وقتئذ مترددا في أمره حتى جاءه بواسطة جواسيسه «أتباع والي عربستان» خبر استيلاء الرعب على قلوب الإيرانيين، فاطمأن وساق عسكره إلى «فرح آباد» واستولى عليها بلا محاربة؛ لعدم وجود العسكر فيها، وبعد استيلائه عليها توجه للهجوم على محلة «جلغا» مسكن الأرامنة في أصفهان فاستولى عليها أيضا، ونشأ عن استيلائه خسارة جسيمة لساكنيها.
ثم هجم على برج من أبراج مدينة أصفهان فدفع عنه بقوة البنادق والمدافع فتقهقر ووقع في نفسه أن هذا التقهقر ربما يوجب زوال الرعب من قلوب أهالي المدينة فيصعب الأمر في فتحها، فهجم في اليوم الثاني مع الأبطال الأفغانيين على بعض الاستحكامات، وأظهروا جلادة وشدة، حتى كادت المدينة تفتح لولا مقاومة أحمد أغا أحد أغاوات الحريم، فإنه قاوم ببسالة، وجبر الأفغانيين على التقهقر، فوقع الرعب في قلب محمود، وأرسل يطلب المصالحة، على شرط أن تكون حكومة قندهار وكرمان وخراسان وراثة في ذريته، وأن يزوجه السلطان بابنته، ويعطيه خمسين ألف تومان، ولكن لم تقبل هذه المطالب عند الشاه.
ولما سمع والي عربستان بذلك أرسل سرا إلى محمود رسولا يلومه على طلب المصالحة، ويوصيه بالثبات، ويعده بالظفر، وقال في رسالته: «إنني منكم مذهبا، فاثبتوا ولا تخافوا.» ولما أحاط محمود علما بفحوى الرسالة انتعش مرة ثانية، ودبر تدابير أخرى، وهي أن يخرب القرى والقصبات التي هي حول أصفهان ويجمع الذخائر منها لعساكره ويحرق ما بقي، وقد فعل، ففر أهالي القرى إلى المدينة؛ لعدم وجود الأقوات عندهم، وكان الأمراء - لجهلهم بحقيقة الحال - يقبلونهم بكل مسرة؛ لظنهم أنهم يزيدون في عدد المدافعين، ولم يخافوا من حصول القحط في المدينة؛ لأنها لم تكن محصورة إلا من جهة واحدة، ثم هجم الأفغانيون من الجهة الأخرى، واستولوا على أحد الاستحكامات فيها، وكان محافظوا هذا الاستحكام من الكرج المنهمكين في شرب الخمر، ثم تجاوز الأفغانيون من قنطرة كانت هناك، واستولوا على بعض نواحي المدينة، وفي ذلك الوقت سمع الأفغانيون بقدوم قوم إيرانيين ببعض ذخائر إلى المدينة فعارضوهم وانتهبوها منهم، وقبل أن يصلوا إلى معسكرهم خرج إليهم قوم من قرية صغيرة يقال لها «أصفهانك» واسترجعوها منهم، وأسروا عم محمود وأخاه وابن عمه، وقتلوهم، وكان الشاه أمر بعدم قتلهم؛ لطلب محمود ذلك منه إلا أن أمره لم يصل إلا بعد القتل، فقتل محمود جميع من عنده من الأسراء الإيرانيين عندما سمع بذلك، وأخذ يتشبث بإتمام لوازم الحصار، وقطع طرق المواصلات، وفي تلك الحالة ألح بعض أولياء الدولة على الشاه أن يسلم إليه قيادة المدافعين، وتكفل بدفع الأفغانيين وطردهم من ضواحي أصفهان إلا أن والي عربستان «خان أهواز» منع الشاه من هذا بتمويهات وتدليسات ألقاها إليه .
ولما طالت مدة المحاصرة أخذت الأسعار ترتفع شيئا فشيئا، وظهرت علائم القحط في المدينة، ولم يجد الشاه وسيلة سوى أن أرسل ولده «شاه طهماسب» ولي العهد سرا إلى سائر البلاد الإيرانية؛ ليدعو الناس إلى حرب الأفغانيين وتخليص كرسي المملكة من أيديهم، فلم يتمكن من جمع كلمة الأهالي على القيام بتخليص أبيه، وكان كل يوم يشتد الكرب على أهل المدينة ويذهبون إلى الشاه ويلحون عليه في أن يخرج معهم للمحاربة؛ كي يخلصوا أنفسهم من غائلة الجوع والقحط، وخصوصا حينما سمعوا أنه سيرد إليهم ذخيرة، فإنهم اجتمعوا حول السراي السلطاني، ونادوا على الشاه بالخروج إلى الحرب؛ خوفا من أن تقع هذه الذخيرة في أيدي الأفغانيين ويموت أهل البلد جوعا، فأرسل إليهم الشاه يعدهم بالجواب في غد، فلم ينصرفوا، وأدمنوا على الطلب، حتى أطلق عليهم بعض مستخدمي الحرم البنادق ليرهبهم، فانزجرت نفوس الأهالي من هذا العمل، وتكدرت خواطرهم، وكادوا أن يهجموا على السراي لولا خروج أحمد أغا السابق الذكر إليهم وإرضائه لهم، وبعد انصرافهم جمع جماعة من أبطال العساكر وهجم بهم على الأفغانيين، واشتدت حملته عليهم حتى استخلص بعض الاستحكامات من أيديهم، إلا أن عساكر العرب الذين كانوا تحت إمرة والي عربستان «خان أهواز» تقهقروا تعمدا، فغضب أحمد أغا لذلك، وأمر بإطلاق البنادق على الفرقة العربية من عساكره.
فلما وقع النزاع بين العساكر، واشتغل بعضهم ببعض هجم الأفغانيون، وهزموهم، فذهب أحمد أغا إلى الشاه، وقال له: «إن خان أهواز هو الذي أوجب انهزامنا في جميع المواقع؛ لاتحاده مع محمود في المذهب، ولولا وجوده في معسكرنا لدفعنا الأفغانيين وهزمناهم من أول وقعة.» ولكن خان أهواز ألقى إلى الشاه ما زين له عزل أحمد أغا عن رئاسة المحافظين للقلعة، فعزله فتناول السم ومات، وبموت أحمد أغا فرح الأفغانيون جدا ووقع الاضطراب والوجل في أهالي أصفهان، فاضطر الشاه لأن يرسل رسولا إلى محمود يطلب منه المصالحة على الشروط السابقة، فأجاب محمود «بأن الشاه لا يملك الآن شيئا حتى يعطيني إياه، بل جميع ما في قبضته قد أصبح تحت يدي.»
Bilinmeyen sayfa