Ulusların Psikolojik Gelişim Yasaları
السنن النفسية لتطور الأمم
Türler
ومن الناحية الخلقية يمتاز ذاك المزاج النفسي بإرادة قلما اتفقت لأمة خلا الرومان، وبهمة لا تقهر، وبقوة مبادرة نامية إلى الغاية، وبضبط نفس وباستقلال يخرج عن حد الأنس، وبنشاط قوي وبشعور ديني شديد، وبأدب ثابت وبمعرفة جلية للواجب.
ومن الناحية الذهينة لا نجد ما يسهل بيانه من الصفات الخاصة؛ أي من العناصر الخاصة التي لا يشاهد مثلها لدى الأمم المتمدنة الأخرى، ولا نرى غير ذكر ذلك التمييز الصادق الذي تدرك به ناحية الأمور العملية الإيجابية، ولا يضل به في المباحث الوهمية، وغير ذكر ذلك الذوق الممتاز للوقائع وذلك التذوق الهزيل للمبادئ العامة، وغير ذكر ذلك البصر الضيق الذي يحول دون تبين ما في المعتقدات الدينية من نواح ضعيفة، والذي يجعل هذه المعتقدات في حمى من الجدل.
وإلى تلك الصفات العامة تضاف صفة التفاؤل التام التي تبدو بها طريق الرجل في الحياة ممهدة فلا يفترض أنه يقدر على اختيار ما هو أحسن منها، وهو يعلم، دائما، ما يطلب منه وطنه وأسرته وآلهته. ويبلغ هذا التفاؤل من الشدة درجة يعد بها كل عنصر أجنبي محتقرا، والحق أن احتقار الأجنبي وعاداته يجاوز في إنكلترة الحد الذي كان الرومان في إبان عظمتهم يحتقرون البرابرة به، ولهذا الاحتقار تبصر زوال كل مقياس أدبي تجاه الأجنبي، واحتقار الأجنبي هذا ينم على شعور متأخر من الناحية الفلسفية لا ريب، غير أنه بالغ الفائدة في تقدم الأمم، ومن الإصابة قول القائد الإنكليزي ولسلي: إن ذلك الاحتقار من عوامل قوة إنكلترة، ومن الإصابة أن قيل: إن الإنكليز يعنون كالصينيين بمنع تسرب أي نفوذ أجنبي فيهم؛ وذلك بسبب رفضهم الصائب إنشاء نفق تحت المانش تسهل العلائق بينهم وبين القارة به.
وتجد الأخلاق المذكورة فيما تقدم في مختلف الطبقات الاجتماعية، ولا تبصر عنصرا من عناصر الحضارة الإنكليزية إلا وعليه طابع قوي من تلك الأخلاق، وتلك الأخلاق تقف نظر الأجنبي الذي يزور إنكلترة ولو لبضعة أيام. ومما يراه هذا الأجنبي ذلك الاحتياج إلى الحياة المستقلة في كوخ أدنى مستخدم، وهذا الكوخ منزل ضيق لا ريب، ولكنه في حمى من كل ضغط، وفي منتأى من كل جوار، ويرى الأجنبي ذلك الاحتياج إلى الاستقلال في المحطات المطروقة حيث يطوف الجمهور في كل ساعة من غير أن يزرب كقطيع من الغنم الطيع خلف حاجز يحرسه موظف كما لو وجب عليه حفظ سلامة الناس الذين لا يجدون في أنفسهم من الانتباه الضروري ما يصونون به أنفسهم من الدوس، ويطلع ذلك الأجنبي على نشاط ذلك العرق في عمل العامل القاسي كما يطلع عليه في عمل الطالب الذي وضع حبله على غاربه منذ صباه فيتعلم السير وحده عالما أنه لا أحد غيره يعنى بمصيره، ويطلع ذلك الأجنبي على نشاط ذلك العرق لدى الأساتذة الذين يكتفون بقليل تعليم ويبالون بكثير أخلاق، عادين الخلق من أقوى العوامل المحركة في العالم،
2
وإذا ما رجع ذلك الأجنبي بصره إلى حياة المواطن العامة أبصر أنه يعتمد، دائما، على قوة المبادرة الفردية لا على الدولة، لا فرق في ذلك بين إصلاح ينبوع قرية وإنشاء مرفأ بحري، ومد خط حديدي، وحين يتابع ذلك الأجنبي بحثه لا يلبث أن يعترف بأن تلك الأمة هي الأمة الحرة الوحيدة حقا على الرغم من معايبها التي تجعلها في نظر الأجنبي أكثر الأمم جفاء؛ وذلك لأنها وحدها هي التي استطاعت أن تعرف كيف تسير طليقة فلا تترك لحكومتها غير أدنى حد من العمل، وإذا ما تصفح الباحث تاريخ تلك الأمة وجد أنها أول من عرف أن يتخلص من كل سيطرة للكنيسة أو للملوك، وكان الفقيه فورتسكو يعارض في القرن الخامس عشر «القانون الروماني - الذي هو تراث الأمم اللاتينية - بالقانون الإنكليزي؛ فيقول: إن الأول هو من صنع الأمراء المطلقين فيعمل على التضحية بالفرد، وإن الثاني هو من عمل الجميع فيعمل على حماية الفرد».
وإذا ما هاجرت أمة تلك هي حالها إلى أية بقعة من بقاع الدنيا لم تعتم أن تصير ذات شوكة وأن تؤسس دولا قوية، وإذا كان العرق الذي تغزوه على جانب كبير من الضعف فلا ينتفع به، كأصحاب الجلود الحمر (الپوروج) بأمريكة مثلا، أبادته بانتظام، وإذا كان العرق المقهور كثير العدد وكان يمكن استغلاله، كأهل الهند، أكره على العمل في سبيل سادته، واستثمر بمهارة مع تركه حرا في عاداته ونظمه.
ويجب، في بلد جديد كأمريكة، تتبع التقدم العجيب المدين لمزاج العرق الإنكليزي النفسي، ولا أحد يجهل ماذا أصبح هذا العرق، وهو المعتمد على نفسه، فيما نقل إليه من تلك البقاع العاطلة من الفلاحة والتي لم يكد يسكنها بعض المتوحشين؛ فقد كفاه قرن واحد لينال إحدى المراتب الأولى بين دول العالم العظمى حتى قل من يقدر على مكافحته في الوقت الحاضر، وتراني أوصي بقراءة كتب مسيو روزيه عن الولايات المتحدة أولئك الذين يرغبون في الوقوف على مقدار المبادرة العظيمة والنشاط الفردي اللذين يبذلهما أبناء تلك الجمهورية القوية، فهنالك يبصرون استعداد الناس إلى أقصى حد لإدارة أنفسهم بأنفسهم وللاشتراك في إنشاء المشاريع الكبيرة وبناء المدن وشيد المدارس والمرافئ والخطوط الحديدية إلخ، وهنالك يبصرون عمل الدولة إلى أدنى حد حتى يمكن القول بعدم وجود سلطات عامة تقريبا، وما يكون نفع تلك السلطات فيما خلا الشرطة والجيش والتمثيل الدبلمي.
ثم إنه لا يكتب في الولايات المتحدة فلاح إلا لمن هو حائز للصفات الخلقية المذكورة سابقا، ولذلك ترى المهاجرات الأجنبية لا تغير روح العرق العامة أبدا، ومن شروط الحياة هنالك أن الذي يكون عاطلا من تلك الصفات يغدو محكوما عليه بالزوال السريع، والأنغلوسكسوني وحده هو الذي يقدر على العيش في ذلك الوسط المشبع من الاستقلال والإقدام، وأما الإيطالي فيموت فيه جوعا، وأما الإيرلندي والزنجي فيعيشان في الخدم الدنيا.
وتمثل تلك الجمهورية الكبرى أرض الحرية لا ريب، وهي ليست أرض المساواة والإخاء، ذينك الوهمين اللاتينيين اللذين لا تعرفهما سنة التقدم، ولا تجد في العالم مثل ذلك القطر قطرا أنشب الانتخاب الطبيعي فيه أظفاره. نعم، يبدو ذلك الانتخاب الطبيعي فاقد الرحمة هنالك، وهو، لعطله من الرحمة، حافظ العرق الذي أوجب تكوينه على قوته وإقدامه، ولا مكان في الولايات المتحدة للضعفاء ومتوسطي الحال والقاصرين. ولعامل الانحطاط وحده تجد الأشخاص المنحطين معرضين للهلاك هنالك، شعوبا ومنفردين، وأصحاب الجلود الحمر أبيدوا برصاص البنادق أو بالموت جوعا لعدم نفعهم، وسيكون للعمال الصينيين الذين تشتد وطأة مزاحمتهم مثل ذلك النصيب في نهاية الأمر، ولم ينفذ القانون الذي سن لطردهم جملة بسبب ما يقتضيه من النفقات العظيمة.
Bilinmeyen sayfa