Ahlak Metafiziğinin Kuruluşu
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
Türler
من هنا يذهب الإنسان إلى أن له إرادة لا تترك شيئا مما يتصل بشهواته وميوله الخالصة يودع في حسابه، بل تتصور على العكس من ذلك أن تلك الأفعال تكون ممكنة عن طريقها، لا بل تكون ضرورية إذا لم يكن في استطاعتها أن تتم إلا بالصدود عن جميع الشهوات والحوافز الحسية. إن علية مثل هذه الأفعال قائمة فيه بوصفه عقلا كما هي قائمة في قوانين النتائج والأفعال التي تكون مطابقة لمبادئ عالم معقول، لا تزيد معرفته به في الحقيقة على أن العقل وحده، أريد أن أقول: العقل الخاص المستقل عن الحساسية، هو الذي يضع له القانون. ولما كان من هذه الناحية وحدها، ومن حيث إنه عقل فحسب، يعد الذات الحقيقية (بينما هو، من حيث هو إنسان، ليس إلا ظاهرة لنفسه) فإن تلك القوانين تخصه بشكل مباشر ومطلق بحيث لا يتسنى لما تحث عليه الميول والدوافع (وبالتالي طبيعة العالم الحسي في مجموعها) أن تخرق قوانين إرادته بوصفها عقلا، بل إنه لا يتحمل مسئولية هذه الميول والدوافع، ولا ينسبها إلى ذاته الحقيقية؛ أعني إلى إرادته، وإنما ينسب إليها (أي إلى ذاته) التسامح الذي يمكن أن يحمله لها في نفسه إذا هو سمح لها بأن تؤثر على مسلماته بما يعود بالضرر على القوانين العقلية للإرادة.
32
إن العقل العملي لا يتجاوز حدوده المرسومة له على الإطلاق حين «يندمج» بالفكر في عالم معقول،
33
ولكنه يتجاوزها حين يحاول أن «يعاين» نفسه وأن يحس بنفسه فيها. تلك فكرة سلبية بالنسبة للعالم المحسوس، الذي لا يقدم للعقل في تحديده للإرادة أية قوانين، وهي فكرة إيجابية من ناحية واحدة فحسب، وهي أن الحرية من حيث إنها تعيين سلبي، مرتبطة في الوقت نفسه بملكة (إيجابية)، وعلى وجه التحديد بعلية للعقل نطلق عليها اسم الإرادة؛ أي بملكة الفعل على نحو يجعل مبدأ الأفعال مطابقا للخاصية الأساسية لعلة عقلية، أو يجعله بعبارة أخرى مطابقا للشرط الذي يتيح للمسلمة التي ارتفعت إلى مستوى القانون أن تكون صالحة صلاحية شاملة.
ولكن إذا أراد العقل إلى ذلك أن يستمد من العالم المعقول «موضوعا للإرادة»؛ أي دافعا لها، فإنه بذلك يتعدى حدوده ويدعي العلم بشيء لا يعرف عنه قليلا ولا كثيرا. وإذن فتصور عالم معقول ما هو إلا «وجهة نظر» يضطر العقل إلى التسليم بها وراء الظواهر؛ «وذلك لكي يتسنى له أن يتصور نفسه عقلا عمليا»، وهو الأمر الذي يكون مستحيلا لو أن مؤثرات الحساسية كانت معينة للإنسان، ويكون مع ذلك ضروريا إذا لم ننكر عليه الشعور بذاته بوصفه عقلا، وبالتالي من حيث هو علة عاقلة تصدر في أفعالها عن طريق العقل؛ أي علة حرة في أعمالها. هذا التصور ينطوي بالطبع على فكرة نظام آخر وتشريع آخر يختلفان عن نظام وتشريع الآلية الطبيعية التي تتعلق بالعالم المحسوس كما يجعل تصور عالم معقول (أي مجموع الكائنات العاقلة من حيث هي أشياء في ذاتها) تصورا ضروريا، ولكن دون أن يدعي أنه يجعل فكره مطابقا لغير شرطه «الصوري»؛ أي لشمول مسلمة الإرادة بوصفها قانونا، وبالتالي للاستقلال الذاتي للإرادة الذي يمكنه وحده أن يكون على اتفاق معها، في حين أن جميع القوانين التي تتحدد بعلاقتها بموضوع من الموضوعات تعطي تنافرا لا نصادفه إلا في قوانين الطبيعة ولا يمكن أن تتعلق بغير العالم الحسي.
ولكن العقل يتعدى جميع حدوده المرسومة له إذا ما حاول أن «يفسر» لنفسه «كيف» يصبح العقل الخالص عقلا عمليا، وهي محاولة تتساوى تساويا تاما مع محاولته أن يفسر «كيف تصبح الحرية ممكنة».
ذلك لأننا لا نستطيع أن نفسر شيئا حتى نرده إلى قوانين يمكن أن يعطى موضوعها في تجربة ممكنة. أما الحرية فهي فكرة خالصة لا يمكن بحال من الأحوال أن توضح واقعيتها الموضوعية وفقا لقوانين الطبيعة ولا أن توضح تبعا لذلك في أية تجربة ممكنة؛ فهي إذن لا يمكن أن تفهم أبدا ولا حتى أن تدرك طبيعتها؛ وذلك لأننا لا نستطيع أبدا أن نضرب لها مثالا عن طريق لون من ألوان المشابهة. إنها لا تعد إلا مجرد افتراض ضروري للعقل لدى كائن يعتقد أنه يمتلك الشعور بإرادة؛ أي بملكة تختلف عن ملكة الاشتهاء الخالصة (أعني لديه الشعور بالقدرة على أن يعين نفسه للفعل من حيث هو عقل، وبالتالي طبقا لقوانين العقل وبالاستقلال عن الغرائز الطبيعية). ولكن حيث يتعطل التحديد [أو التعيين] بوساطة القوانين الطبيعية، فإن كل «تفسير» يتعطل كذلك، فلا يبقى من شيء بعد إلا الدفاع؛ أي دفع اعتراضات من يزعمون أنهم نظروا نظرة أعمق في ماهية الأشياء، ومن يتجاسرون لهذا السبب على إعلان استحالة الحرية.
34
يستطيع المرء أن يكتفي بأن يبين لهم أن التناقض الذي يزعمون أنهم اكتشفوه هناك إنما يكمن في أنهم وجدوا لزاما عليهم، لكي يقرروا صحة القانون الطبيعي بالنسبة للأفعال الإنسانية، أن ينظروا بالضرورة إلى الإنسان نظرتهم لظاهرة من الظواهر، حتى إذا طولبوا بأن عليهم أن يتصوروه بوصفه عقلا، كشيء في ذاته أيضا، ظلوا ينظرون إليه كذلك نظرتهم إلى ظاهرة،
Bilinmeyen sayfa