فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «لاَ تُغَيِّرِ اسْمِي».
وقالَ الجَوْهَرِيُّ: نَهَى عن ذلك؛ لأنَّه يُقالُ: نَبَاتُ من أرضٍ إلى أرضٍ؛ إذا خَرَجْتَ مِنها إلى أُخْرَى، وهذا المعنى أرادَ الأعرابيُّ بقولِهِ: يا نَبِيءَ اللهِ. أي: يا مَن خَرَجَ من مكَّةَ إلى المدينةِ.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هو مِن النَّبْوَةِ بمعنى الرفعةِ، فهو أبلغُ من الهمزِ؛ لأنَّه ليسَ كلُّ مُنْبِئٍ رَفِيعَ المَحَلِّ؛ ولهذا نَهَى عن الهمزِ.
وقالَ ابنُ خَرُوفٍ في (شَرْحِ الكِتابِ): إنَّما نَهَى مَن خَفَّفَهُ من أهلِ التحقيقِ، وهم قليلٌ، وجماعةٌ من العربِ من أهلِ التحقيقِ، والتحقيقُ على البدلِ، والقراءةُ بالتحقيقِ ضعيفةٌ، لم يَقْرَا بها في السبعِ غيرُ المَدَنِيِّ. انتهَى.
وكذا قالَ ابنُ دَرَسْتَوَيْهِ: كلُّ ما لَزِمَ من البدلِ فإنَّه لا يَجُوزُ رَدُّه إلى الأصلِ، إلاَّ في ضرورةٍ؛ فلذلك أَنْكَرَ النبيُّ ﷺ الهمزةَ، وإنْ كانَ هو الأصلَ. قالَ: وقد حَمَلَ هذا الحديثَ قومٌ مِن الجُهَّالِ باللغةِ، حتَّى زَعَمُوا أنَّ النبيَّ مُشْتَقٌّ مِن النَّبْوَةِ، وهذه فِرْيَةٌ على الأنبياءِ؛ لأنَّ النَّبْوَةَ ليسَتْ بالارتفاعِ كما ظَنُّوا، وإنما يُقالُ للسيفِ: نَبَا فهو نابٍ، وللفرسِ: النابِي، وكذلك النابِي من الأرضِ؛ لِمَا غَلُظَ وشَقَّ على سالِكِهِ، فامْتَنَعَ منه الناسُ، وليسَ هو ارتفاعًا فقطْ، بل هو وَصْفٌ له معَ ذَمٍّ.
وقالَ الفَارِسِيُّ في كتابِ (الحُجَّةِ): مَن حَقَّقَ الهمزَ في
1 / 107