Tashil al-Manasik
تسهيل المناسك
Yayıncı
دار المآثر،المدينة النبوية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٢هـ/٢٠٠١م
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
مقدمة
...
تسهيل المناسك
تأليف: عبد الكريم بن صنيتان العمري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرع الحجَّ إلى بيته الحرام، وجعله أحد أركان الإسلام، ونهى الحاج عن ارتكاب المعاصي والمخالفات والآثام، والصلاة والسلام على سيد الأنام، أفضل من صلّى وصام، وأدى مناسك الحج على الكمال والتمام، وعلى آله وأصحابه الأخيار الكرام، ومن تبعهم بإحسانٍ ما تعاقبت الليالي والأيام.
أما بعد: فإنَّ الحج عبادة عظيمة الأجر والثواب، تجمع بين جهد البدن وإنفاق المال، ولذلك كان جزاؤها مغفرة الذنوب والسيئات، والتجاوز- من الله تعالى- عمّا سلف من التقصير والهفوات.
روى أبو هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "من حجّ لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه" متفق عليه.
1 / 3
وقد اعتنى العلماء الأخيار من سلف هذه الأمة في توضيح أحكامه، وجمعها وتدوينها في أمهات كتب الفقه، أو في مؤلفات مستقلة، عرفت بـ (كتب المناسك) .
وتوالت المؤلفات في سائر العصور، تبيّن مسائل هذا الركن العظيم، وتشرحها وتدعمها بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، ليكون المسلم على بصيرة وبيّنة من دينه، وهو يؤدي مناسك حجه.
وهذه رسالة مختصرة، أحببتُ أن أسهم فيها بإيراد أحكام الحج على سبيل الاختصار، وصياغتها بأسلوب سهلٍ ومبسّط، انتقيتها من كتب مناسك العلماء المتقدمين، وفضلائهم المعاصرين، وأسميتها: "تسهيل المناسك ".
1 / 4
ورتبت هذه الرسالة، على تمهيدٍ، وعشرة مباحث، وخاتمة.
التمهيد: في فضائل عشر ذي الحجة.
المبحث الأول: فرض الحج وخطر التهاون عن أدائه.
المبحث الثاني: فضله وعظيم ثوابه.
المبحث الثالث: تنبيهات وآداب.
المبحث الرابع: المواقيت الزمانية والمكانية.
المبحث الخامس: الإحرام ومحظوراته وأعمال العمرة.
المبحث السادس: أعمال الحج.
المبحث السابع: يوم عرفة.
المبحث الثامن: أعمال يوم النحر.
المبحث التاسع: أيام التشريق.
المبحث العاشر: ختام أعمال الحج.
خاتمة: زيارة المدينة النبوية.
1 / 5
والله أسأل أن يجعل فيه النفع والفائدة، ويكتب لي فيه الأجر، ويرزقنا- جميعًا- الإخلاص ني الأقوال والأعمال، ويوفقنا لكريم السجايا والخصال، ويهدينا طريق الفلاح والسعادة، وينير لنا سبيل الطاعة والعبادة، ويختم للجميع بالخاتمة الحسنة، إنه قريب سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.
وكتبه
أفقر العباد، إلى الملك الجواد
أبو وائل، عبد الكريم بن صنيتان العمري
غرة شهر ذي القعدة ١٤٢١ هـ
المدينة النبوية
1 / 6
تمهيد
فضائل عشر ذي الحجة
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ [الفجر: ١- ٣]
أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات في مستهل هذه السورة،- ليؤكد المعنى، ويُثَبته في أفئدة السامعين، ونفوس المخاطبين، وذلك من أقوى الأساليب المستعملة عند العرب قي كلامهم.
فأقسم بالفجر، وهو الصُّبح، لأنه الوقتُ الذي ينفجر فيه النور، وينشق الضوء، إيذانًا بانتهاء الليل وانقضائه، وانتشار الناس وخروجهم لطلب الرزق، والسعي في كسب معايشهم، وتحصيل منافعهم.
ثم أقسم بالليالي العشر، وهي عشر ذي الحجة، والشّفع، وهو يوم النحر، والوتر: وهو يوم عرفة.
1 / 7
قائمين يذكرون الله تعالى، ينطرحون بين يديه، ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ١٩]
كان سعيد بن جبير- ﵀ إذا دخلت ليالي العشر، ضاعف من عبادته، واجتهد فيها اجتهادًا لا يكاد أحد أن يبلغه أو يأتي بمثله، وكان يقول: لا تطفئوا سُرُجَكم ليالي العشر؛ من شدة حرصه على العمل الصالح، وحثه لإخوانه على المسابقة إلى الطاعة.
ليالي العشر أوقات الإجابه ... فبادر رغبة، تلحق ثوابه
ألا لا وقتَ للعمال فيه ... ثواب الخير أقرب للإصابه
من أوقات الليالي العشر حقًا ... فشمر واطلبَنْ فيها الإنابة
إن عبادَ الله المخبتين، دائمو الصلة بربهم، لا يفترون من القيام، ولا يملون من الصلاة والصيام، لا يُقَوِّتون لحظة من الليالي والأيام، إلاَّ زرعوا فيها عملًا صالحًا، وأودعوا فيها خَصلةً نافعة، قد قويت
1 / 8
صلتهم بربهم، وتوثقت رابطُتهم بإلههم وسيّدهم، فهم لا يأنسون إلا بعبادته، ولا يتلذذون إلا بدعائه ومناجاته.
إن العمل الصالح في هذه العشر، عمل عظيم، ثوابه مضاعفٌ وجسيم؛ لأنه يشمل جميع العبادات، ففيها الحج والصيام والصدقات، بالإضافة إلى الصلوات المفروضة والنافلة والقيام.
قال الحافظ ابن كثير ﵀: ورد في الحديث أن هذه العشر، أفضل أيام السنة، وفضّله كثير من العلماء على عشر رمضان، لأن هذا يُشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيرها، وتمتاز عشر ذي الحجة بأداء فرض الحج، وقيل: إن أيام عشر رمضان أفضل لاختصاصها بوجود ليلة القدر فيها.
وتوسَّط آخرون فقالوا: أيام عشر ذي الحجة أفضل، وليالي عشر رمضان أفضل، ولعل هذا هو
1 / 9
الأقرب، والله تعالى أعلم.
ويقول الحافظ ابن حجر- ﵀: وإنما كانت أيام هذه العشر أفضل، وامتازت على غيرها لاجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا تجتمع هذه العبادات مع بعضها إلا في هذه الأيام. انتهى كلامه ﵀.
ومما ينبغي التنبيه له، أن كل من أراد أن يضحي، فعليه أن لا يقص شيئًا من شعره، ولا يقلم أظفاره عند دخول شهر ذي الحجة لقوله ﷺ: "إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضخوا، فليمسك عن شعره وأظفاره حتى يضحي" رواه مسلم.
فاغتنم- أيها الأخ الفاضل- هذه الأوقات الفاضلة، واجتهد فيها، وضاعف من أعمالك الصالحة، فإلى متى وأنت في سهو وغفلة، وحتى متى ومواسم الخير تمر عليك، وأنت تلهو وتجري وراء ملذات هذه الحياة، وتلهث وتُرهق جسمك في جمع
1 / 10
روى جابر ﵁، عن النبي ﷺ قال:
" ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ قال: إنَّ العشرَ عشر الأضحى، والوتر يومُ عرفة، والشفعَ يومُ النحر" رواه أحمد، والحاكم وصححه.
وروى الإمام الطبري بإسناده، عن أبن عباس ﵄ قال: " إنّ الليالي العشرَ التي أقسمَ اللهُ بها، هي ليالي العشرِ الأول من ذي الحجة".
وقال الضحاك: أقسم اللهُ بهن لما يعلم من فضلهن على سائر الأيام.
وقد بين لنبي ﷺ ما يناله المؤمنُ من الأجر العظيم، والثواب الجزيل من الله تعالى، حين يضاعف أعماله في هذه العشر، ويتقرب إلى ربه بالصالحات، وفعل الخيرات، ولبعد عن المعاصي والمخالفات، احتسابًا للأجر عند الله تعالى، وطلبًا لمغفرته ورضوانه وعفوه، ففي صحيح البخاري، عن ابن عباس ﵄، قال: قال رسولُ الله ﷺ: "ما من أيام
1 / 11
العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله تعالى من هذه العشر،- أي عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله، قال ﵊: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشيء".
فقد دل هذا الحديث على أن الأعمال الصالحات، وفِعْلَ الطاعات، وطلب َالأجر وزيادة الحسنات، والاجتهاد في هذه الأيام أحبُّ إلى الله تعالى من العمل في جميع أيام السنة دون استثناء، وإذا كان أحبَّ إلى الله تعالى، فهر أفضلُ عنده.
قال الحافظ ابن رجب ﵀: وإذا كان العمل في أيام العشر، أفضل وأحب إلى الله تعالى من العمل في غيره من أيام السنة كلها، صار العمل في هذه العشر- وإن كان مفضولًا- أفضل من العمل في غيرها وإن كان فاضلًا، ولهذا، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل
1 / 12
الله، ثم استثنى جهادًا واحدًا، هو أفضل الجهاد، فإنه ﷺ، سئل أيُّ الجهاد أفضل؟، قال: "من عُقر جوادُه، وأُهريق دمه، وصاحبُه أفضل الناس درجةً عند الله ... ". رواه أحمد.
وسمع ﵊ رجلًا يقول: اللهم أعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين، فقال: "إذن يعقر جوادك وتستشهد". رواه أحمد.
فهذا الجهاد بخصوصه، يفْضُلُ على العمل في عشر ذي الحجة.
قال الإمام الأوزاعي ﵀: بلغني أنَّ العمل في اليوم من أيام العشر، كقدر غزوة في سبيل الله، يصام نهارُها، ويُحرس ليلُها، إلا أن يحُتَّص امرؤ بشهادة.
لقد كالن السلف الصالح- ﵏ يخصون ليالي العشر بمزيد من العبادة، فيضاعفون من قيامهم لربهم تلك الليالي، يهجرون مضاجعهم، وينتصبون
1 / 13
حطامها، وتغفُلُ عن اغتنام فرصِ الأعمالِ الصالحات، التي تَسنح لك بين الحين والآخر، تنبّه لذلك، وقدّم صالحًا؛ تنجُ وتفُرْ به عند خالقك يوم العرض عليه.
1 / 14
فضل الحج وعظيم ثوابه
كلُّ مسلمٍ يتوق إلى الحج، ويشتاق إلى مكة ومشاعرها، والباعثُ له على الشوق إليها، هو الفهم والتحقق بأن البيت الذي يقصدُه هو الذي جَعَله الله تعالى مثابةً للعالمين، وأمنًا للخائفين، ومأوى للمذنبين والمقصّرين، يطلبون عنده العفو والمغفرة من رب العالمين، فهو يجذبُ قلوب المسلمين، يتعاقبون عليه من جميع البلدان، ويفدون إليه من كل مكان، أمر ﷾ خليله إبراهيم ﵊ بتطهيره للعابدين، وشرفه بإضافته إلى نفسه فقال وهو أصدق القائلين: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾ [الحج: ٢٦]، وكفاه ذلك شرفًا وفخرًا.
فقاصدُ البيتِ العتيق قاصدٌ إلى الله تعالى، والوصولِ إليه تعالى بالعمل بالطاعات، والإقبال عليه في شتى الحالات، والتجردِ عن سائر المخلوقات،
1 / 15
والتوبة من كل الذنوب والسيئات، وهجر جميع المخالفات.
والمسلمُ كلّما ذكر ذنبه، جدد توبته، فهو دائم الأسف على ذنوبه، كثير الندم على تفريطه.
وحجُّ بيت الله الحرام من أعظم الأعمال التي تمحو الذنوب والسيئات، وتغسل الآثام الناتجة عن التقصير وكثرة الهفوات.
لكن ذلك لن يحصل ولن يتم إلا بأداء الحج على الوجه الصحيح، والنهج السليم الذي رسمه لنا رسول الله ﷺ، باقتفاء أثره، والاقتداء به في سائر أعماله، ومنها حجّه لبيت الله العتيق.
وقد قال ﵊ وهو يؤدي مناسك حجه، وينتقل من عمل إلى آخر: " لتأخذوا عني مناسككم "رواه مسلم.
فهو إن تابع رسوله ﵊ في كل أعماله، وتجنّب ما يسخط الله ﷻ، والتزم
1 / 16
بآداب الحج، فلم يؤذِ أحداٌ ولم يضيق عليه، وكفّ جوارحه عن العبث، وحفظها من أن تمتد إلى محرم، أو تكون سببًا في إيذاء أخيه الحاج، فَيرْجَى أن يكون من المقبولين، وأن يُكْتَبَ له الأجر العظيم.
وقد تضافرت النصوص الشرعية، التي بيّنت فضل الحج، وأظهرت مكانة هذه الشعيرة، وما يناله الحاج من الأجر الجزيل، والثواب الكبير عند الله تعالى.
قال جل وعز: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ *لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٧-٢٨] .
قال الطبري في تفسيره، قوله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ أي: منافع من العمل الذي يرضي الله تعالى، ومن التجارة، وذلك أن الله تعالى عمّ لهم
1 / 17
منافع جميع ما يشهد له الموسم، ولم يخصص من ذلك شيئًا من منافعهم.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ﵁، قال: سُئِلَ رسول الله ﷺ، أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهادُ في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حجٌ مبرور".
وقال ﵊: " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " متفق عليه.
ومعنى قوله: " ليس له جزاءٌ إلا الجنة ": أي: لا يقتصر فيه على تكفير بعض الذنوب، بل يبلغ به إلى الجنة.
والحج المبرور: هو الذي لا يخالطه إثم، وقيل: المتَقَبَّل، وقيل: الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق.
وقال بعضهم: هو الذي لا معصية بعده.
1 / 18
قال الحسن البصري ﵀: الحج المبرور: أن ترجع زاهدًا ني الدنيا، راغبًا في الآخرة.
وقال أبو الشعثاء: نظرت في أعمال البر، فإذا الصلاة تَجْهَدُ البدنَ، والصوم كذلك، والصدقة تجهدُ المال، والحج يَجهدُهما، فرأيته أفضلَ العبادات.
وروى أبو هريرة ﵁ قال: سمعت رسول الله يقول: " من حج لله فلم يرفُث ولم يفسُق رَجَعَ كيوم ولدته أمه" متفق عديه.
ومغفرة الذنوب بالحج، ودخولُ الجنة به، مُرَتَّبٌ على كون الحج مبرورًا.
قال الحافظ ابن رجب ﵀: وإنما يكون مبرورًا باجتماع أمرين فيه:
الأول: الإتيانُ بأعمال البر، وذلك يشمل الإحسان إلى الناس، وقد روُي عنه ﵊ أنه سئل: ما برُّ الحج يا رسول الله؟ قال: "إطعامُ الطعام وإفشاءُ السلام ". رواه أحمد.
كما يشملُ فعل الطاعاتِ كلها، من ذكر الله
1 / 19
تعالى، والتلبية، والدعاء، وإراقة دماء الهدي، ونحو ذلك.
الثاني: ما يكملُ به برُّ الحج: اجتنابُ فعل الآثام من الرفث والفسوق والجدال والمعاصي، قال اللة تعالى: ﴿فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧] .
والرفث: هو الجماع. كما قاله ابن عباس، وابن عمر ﵃.
وقال بعضهم: هو اسم لكل لهو، وخَنىً وفجورٍ، وزور ومُجون.
والفسوقُ: هو المعاصي.
وأما الجدال: فهو المِرَاءُ والملاحاةُ حتى تُغضبَ صاحبَك وأخاك. قاله ابن عباس، وقال ابن عمر: هو السباب والمنازعة القبيحة.
ومما وَرَدَ في فضل الحج وعظيم أجره، ما رواه عمرو بن العاص ﵁، قال: "لما جعل الله
1 / 20
الإسلام في قلبي، أتيتُ رسول الله ﷺ، فقلت: أبسُط يدَك لأبايعَك، قال: فبسط يمينه فقبضتُ يدي، فقال رسول الله ﷺ: مالك يا عمرو؟ قال: فقلت: أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يُغفر لي، فقال ﵊: يا عمرو: أما علمتَ أن الإسلام يهدم ما قبله، وأنّ الهجرة تهدم ما قبلها، وأن الحجّ يهدم ما قبله "رواه مسلم.
وروى ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: " تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة " رواه أحمد والترمذي. والأحاديث الواردة في فضل الحج وثوابه كثيرة، وهي تبشّر كل من حج، والتزم بآداب الحج، وأتى به على الوجه الأكمل، تبشّره بالخير العظيم، والأجر الكريم، والثواب العميم، فالحاج عند قصد مكة
1 / 21
للحج، هَجَرَ الدنيا وشواغلها،- وتركها وراء ظهره ونسيها، واتجه إلى ربه يطلب عفوه ومغفرته، ووقفَ في- المشاعر متضرعًا إلى الله تعالى أن يتجاوز عنه، ويعتقه من النار، فاستجاب له.
وهو عند خروجه للحج، إنما يؤدي شكرَ نعمة الله تعالى عليه، حيث أفاضَ عليه من المال، ومتّعه بنعمة الصحة والعافية، وهما من أعظم آلاء الله تعالى، التي يتمتع بها الإنسان في هذه الدنيا، ففي الحج شكر لهاتين النعمتين العظيمتين، فهو يجهدُ نفسه، وينفق أمواله في سبيل الله تعالى، ويتقربُ إليه، فعندما عرف الله تعالى منه حسن النية، وسلامة المقصد، وصدق اللهجة، وصحة العبادة، كافأه على ذلك بالمغفرة والتجاوز عن الذنوب، واستجاب دعاءه، وأعانه حتى أدى مناسك حجه.
1 / 22