وكذلك قوله: عثرت أعثر، يعني سقطت من نكبة الرجل أو غيره؛ وذلك أن تقع رجل الإنسان، أو حافر الدابة، على نبكة ناتئة، أو في وهدة، فيسقط أو يكاد يسقط. وقد يقال لمن أسقط في كلامه أيضًا: قد عثر، ولمن زل في رأيه أو تدبيره أو فعله: قد عثر. وقد روي عن علي بن أبي طالب ﵁ أنه قال:
لقد عثرت عثرة لا أجتبر سوف أكيس بعدها أو أنتظر
ويقال لكل من أصابه شيء من ذلك: عاثر، ويقال تعثر في كلامه، إذا تتعتع فهو متعثر. ومن هذا قيل للمريض: أقال الله عثرتك، أي وجه إليك العافية وغفر لك الذنب. ويقال: بالدابة عثار، إذا كانت تعثر كثيرًا، على وزن فعال، مثل عيوب الدواب، نحو الحران والجماح. والعامة تقول في هذا: عثرت، بضم الثاء في الماضي، وهو خطأ، ألا ترى أن اسم الفاعل منه عاثر، فإن كثر منه الفعل قيل له: عثور، على فعول، ولا يقال منه عثير.
وكذلك قوله: نفر ينفر. والعامة تقول: نفرت، بضم الفاء في الماضي، وهو خطأ؛ لأن الفاعل منه نافر، والمستقبل منه ينفر، بضم الفاء من النفورِ. فإن عنيت أنك نفرت من عرفات قلت: ينفر بكسر الفاء، ومصدره النفر؛ وهو سرعة الرجوع من الحج، فرق بينه وبين النفور مصدر الأول لاختلاف المعنيين، وهو كالفزع من الشيء، والهرب منه، هكذا الاستعمال. ويجوز في القياس في مستقبل هذين الفعلين الضم / والكسر جميعًا، وإن لم يستعمل. فأما النفار فمصدر قولهم: نافرته منافرة ونفارًا. والاشتقاق يرد كل ذلك إلى معنى واحد، وكذلك قوله ﷿: (انفِرُوا خِفَافًا وثِقَالًا وجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وقوله (تعالى): (مَا لَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا
1 / 44