İslam Tasavvufu Edebiyat ve Ahlak
التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق
Türler
والتزمت الذي أحيطوا به لا يخلو من فضل، فهو نفسه دليل على قوة الحاسة الخلقية، وشاهد على أنهم لا يلهون حين ينظمون ويغنون، وإنما يتبعون وحي الوجدان.
وفي هذا الكتاب تنهض الحجج الدوامغ على أن الصوفية كانوا من قادة الفكر والبيان، فسيرى القارئ كيف ابتدعوا فن المدائح النبوية، وكيف تدرج هذا الفن إلى أن صار من القوى الأدبية، وسيرى كيف أنشأوا فن المناجاة الذي يتمثل في حب الذات الإلهية وفي الأدعية والأوراد، وكيف أوحى الزهد أكرم الشعر إلى كبار الشعراء، وكيف كان بغضهم للدنيا مما عاد على الأدب بكثير من النفحات الوجدانية، وكيف أجادوا القول في الوصايا والنصائح إلى آخر ما تتفرق عناصره في قسم الأدب وقسم الأخلاق من هذا الكتاب.
وليتذكر القارئ أن «أدباءنا» هؤلاء لم يكونوا من المحترفين، وهذا نقص من جانب، وفضل من جانب، هو نقص حين ننظر إلى بعض ما نراه في أدبهم أحيانا من ضعف النسج، وهو فضل حين نراهم سلموا في الأغلب مما تورط فيه الأدباء المحترفون، حين أثقلوا أدبهم بالزخرف والتنميق.
كيف نفهم أدب الصوفية؟
وقارئ هذه الفصول مرجو أن ينظر إلى أدب الصوفية برفق، فهم يؤثرون المعاني ويسيرون في ظلال الأذواق. وقد تكون اللمحة منهم أصدق شعرا وأوفى معنى من ديوان ينظمه أديب من أهل الاحتراف. فإن رآنا القارئ نستجيد ما لا يستجيد فليتفضل بالتروي قبل أن يحكم علينا بالتعصب، فلأدب القوم موازين غير ما وضعه أمثال الآمدي والجرجاني وأبي هلال.
والقارئ مرجو أيضا أن يتسامح إن رآنا نظلمهم في بعض الأحيان، فما ندعي أننا أحطنا خبرا بجميع مذاهبهم الذوقية، ومن الخير أن نعترف بأن حظنا من التصوف أقل من القليل، وأننا لا نملك من أدوات هذا الأدب الصوفي إلا رسما ضئيلا جدا من رسوم الصفاء.
وفي ظلال هذا التحفظ نشرع في درس الأدب الذي أنشأه التصوف، راجين أن لا يضيع ما أنفقنا فيه من العمر والعافية، والله وحده هو المستعان.
كلام الشعراء في الزهد
الزهد بعد المجون
نذكر في هذا الفصل أشياء من كلام الشعراء في الزهد، ولا نقول: الصوفية، فلهؤلاء وجهة غير وجهة أولئك، إنما نريد الشعراء الذين عرفوا في بعض أدوار حياتهم بالمجون، ثم غزتهم المعاني الروحية فنقلتهم من حال إلى حال.
Bilinmeyen sayfa