İslam Tasavvufu ve İmam Şa'rani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Türler
وبذلك خلع الفقيه أردية العباد ليرتدي أزياء رجال القانون، وترك محاريب التقوى ليحتل مناصب الدنيا، وأعرض عن الأخلاقيات والمثاليات ليسبح مع السابحين، وليثب مع الواثبين إلى لمع الجاه ومتاع الحياة، وما تزخر به الدنيا من مفاتن ومباهج.
ومن هنا انفصل الفقه عن التصوف، أو انفصل المتصوفة عن الفقهاء، واختلفا طريقا ونهجا، وغاية وهدفا.
يقول ابن خلدون في مقدمته متحدثا عن نشأة التصوف وعن سمات أصحابه: «وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة، والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف، ولما نشأ الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده، وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا، اختص المقبلون على الله باسم الصوفية.»
اختص المتصوفة - بشهادة الكاتب الكبير ابن خلدون - بالأخلاق الإسلامية التي كان عليها الصحابة - رضوان الله عليهم - وبالإقبال على الله، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يتنافس فيه الناس، بل فيما يتقاتل عليه القطيع العام من البشرية.
واختص المتصوفة أيضا بأنهم ربطوا بين العلم والعمل؛ فالفقيه عندهم هو العالم العابد، هو الذي ينبع إيمانه من قلبه لا من عقله، هو الذي يطابق عمله علمه؛ لأن العقيدة هي العمل، ولأن التعبد شرط العلم الديني.
كما امتاز المتصوفة بابتعادهم عن الجدليات اللفظية، والتفريعات الافتراضية التي تباعد بين المسلم وجوهر دينه، والتي تشغل العقل الإسلامي عن واجبه الأول، وهدفه الأسمى، واعتبروها سفسطة دخيلة على الإسلام، بعيدة عن روحه الفطرية السليمة، أولى منها ثم أولى الاشتغال بما يطهر القلب، ويزكي الجوارح، ويلهم الروح طاعة الله والعمل على رضاه.
وعلى ضوء هذه العقيدة آمن المتصوفة بأن رجال الفقه المتأخرين أو أكثرهم انحرفوا عن مناهجه الإسلامية، ولم يقوموا بجوانبه التعبدية والأخلاقية، فغدوا رجال قانون وتشريع لا رجال عقيدة ودين.
عن عمران القصير قال: سألت الحسن البصري عن شيء فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيها بعينك، إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه - عز وجل.
وكان أبو طالب المكي يقول: «علماء الدنيا - أي الفقهاء - قعدوا على طريق الآخرة، فلا هم نفذوا ولا تركوا العباد يسلكون إلى الله - عز وجل. وكان يشبههم بالقبور ظاهرها عامر، وباطنها عظام الموتى.»
1
Bilinmeyen sayfa