İslam Tasavvufu ve İmam Şa'rani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Türler
جاء الشعراني في اللحظة الحاسمة التي يهبها الله - جل جلاله - لخلقه لتكون فاصلا بين عهدين، وفيصلا بين فكرتين، وبداية لصفحة جديدة، وحياة جديدة .
جاء الشعراني فرأى أمة تسبح في الظلمات، ورأى دولة الدراويش، دولة الإقطاع الروحي تمرح في الشهوات، وشاهد مدعي الولاية الكاذبين، ومتزعمي الطرق الصوفية المضللين، وليس فيهم أو بينهم مصباح واحد يرسل شعاعا من نوره ليهدي الحيارى إلى الله.
فأوقف قلمه ولسانه وعقله وحياته على الجهاد الأكبر لتطهير المحراب الصوفي من الدجل والشعوذة، وتحويل التيار الأعظم المندفع إلى الهاوية إلى الجادة المستقيمة الواضحة.
ولم تكن الرسالة هينة، ولم تكن الغاية مأمونة السبل؛ فالطريق شاق مهلك تقوم فيه الأشواك، وتعمره الأهوال، وتغمره الزلازل والمتاعب.
والشعراني لم يكن في مناعة من حياته، بل كانت تنوشه أقلام الفقهاء وألسنتهم؛ فقد جاء مزلزلا لمكانتهم، محطما لصولتهم، وتخدشه أنياب رجال الكلام وأظفارهم، فهو معهم في معركة لم يهدأ أوارها بعد، ويرمقه رجال الحكم والولاة بعين الحذر والغضب، فهو دائما ينازعهم الأمر، منتصرا للضعفاء ومن في حكم الضعفاء من أصحاب الحاجات وما أكثرهم.
والصيحات تأخذه من كل جانب، ولمحترفي التصوف دولة، ولزعمائهم صولة ومكانة شعبية لا تسامى ولا تضارع.
ولكن الشعراني رغم سياسته التي سنعرض لها بعد، ورغم ليونة قلمه في جداله مع الفقهاء، وحواره مع رجال التوحيد والكلام، لم تزلزله الأهوال التي تحف به، بل تقدم إلى المعركة الكبرى عنيفا قاسيا على غير عادته؛ لأنه يعلم علم اليقين أنه ينازل فئة هي أخطر على الإسلام ومقدساته من كل خصم وعدو، تقدم ليحطم الهيكل المدنس على عباده، وليقوض الصرح الظالم على اللائذين به، والملتجئين إليه.
ثم ليبني على الأنقاض صرح الإيمان الصادق، وهيكل التصوف الذي هو قمة الإيمان، وخلاصة الدين، ونوره الوضاء المبين.
وفي سبيل هذه الغاية المقدسة ألف الشعراني كتابه العظيم «المنن»، لا ليتحدث عن نفسه، ولا ليباهي بأخلاقه وأعماله ومقاماته، كما ظن بعض المستشرقين والسائرين تحت ألويتهم من كتابنا المحدثين، ولكن ليضع أمام أدعياء التصوف، وليضع أمام الأمة الإسلامية التي خدعت في هؤلاء الأدعياء المثل العليا للأخلاق المحمدية، والمثل العليا للآداب الربانية، فقد كان رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - خلقه القرآن، كما تقول السيدة عائشة - رضوان الله عليها - وكل متصوف صادق هو على سنن نبيه العظيم، وعلى هدي رسوله الكريم
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .
Bilinmeyen sayfa