Tasavvuf: İslam'da Ruhani Bir Devrim
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Türler
إن لم تعرفوه (أي الله) فاعرفوا آثاره، وأنا ذلك الأثر، وأنا الحق لأنني ما زلت أبدا بالحق حقا، وإن قتلت أو صلبت أو قطعت يداي ورجلاي ما رجعت عن دعواي.
6 (2) محيي الدين بن عربي: (المتوفى سنة 638)
أما ابن عربي فنظريته في الحب الإلهي متفرعة عن مذهبه الفلسفي الصوفي العام الذي هو مذهب وحدة الوجود. بل هي لازم من لوازم هذا المذهب ونتيجة من نتائجه، والقضية الكبرى التي يخضع لها ابن عربي كل فلسفته، والتي يؤيدها بشتى أساليب التأييد، هي أن الوجود في حقيقته وجوهره شيء واحد، متعدد متكثر في النظر والاعتبار، عندما يقع عليه الحس الذي لا يدرك إلا الجزئيات المتعينة المتشخصة، أو يتناوله العقل الإنساني القاصر عن إدراك وحدته الشاملة، فإن العقل خاضع في تفكيره لمقولاته، ومقولاته مستمدة من العالم الخارجي المتعدد المتكثر، الواقع في الزمان والمكان. أما الحقيقة الوجودية الكلية فخارجة عن كل هذا.
وإذا كان لنا أن نتكلم بلسان الظاهر والعقل، ونتحدث عن كثرة في الوجود، فلنتذكر أن هذه الكثرة ليست إلا وجها من وجهي الحقيقة، أما الوجه الآخر فهو الوحدة، والوجه الأول هو ما يسميه ابن عربي «خلقا». أما الثاني، وهو باطن الوجود وجوهره، فيسميه «حقا»، والحق والخلق اسمان لمسمى واحد منظور إليه باعتبارين مختلفين. بعبارة أخرى، ليست الموجودات الخارجية إلا صورا أو تعينات أو مجالي للوجود الواحد الذي هو وجود الحق.
وليست هذه الصور إلا مسارح تتجلى فيها صفات الحق وأسماؤه، بل هي عين تلك الصفات والأسماء. فكل صفة وجودية ندركها في الأشياء إنما هي مجلى خاص من مجالي صفة إلهية مطلقة، أو اسم إلهي مطلق. كالجمال مثلا: فإن كل جميل مجلى ومظهر للجمال المطلق، الذي هو الجمال الإلهي، وكالحب، فإن كل محبوب مجلى أو مظهر للمحبوب على الإطلاق وهو الحق، وهكذا الأمر في الصفات الإلهية الأخرى كالحياة والسمع والبصر والإرادة.
ولهذا يرى ابن عربي أن المحبوب على الحقيقة في كل ما يحب إنما هو «الحق» الذي يتجلى في ما لا يتناهي من صور الجمال، سواء أكانت حسية أم معنوية أم روحية، وهو إذا تغنى بحب ليلى وسعدى وهند غيرهن، فإنما يرمز بالاسم إلى حقيقة المسمى، وبالصورة إلى صاحب الصورة، ولا يعنيه الرمز قدر ما يعنيه المرموز إليه، وقد كتب ديوانا بأكلمه - هو «ترجمان الأشواق» - يتغزل فيه «بالنظام» ابنة الشيخ مكين الدين بن شجاع بن رستم الذي لقيه بمكة حين نزل بها، ويصف فيه محاسن هذه الغادة الخلقية والخلقية، ويعترف في مقدمة الديوان بأن غزله - في الظاهر - موجه إليها، فيقول:
وقلدناها من نظمنا في هذا الكتاب أحسن القلائد بلسان النسيب الرائق وعبارات الغزل الفائق. فكل اسم أدعو فعنها أكني، وكل دار أندبها فدارها أعني.
7
ولا شك أن ابن عربي قد وجد في تلك الصورة الإنسانية الحسناء مجلى من مجالي الجمال الإلهي المطلق الذي تعشقه وقدسه، وألفى لها مكانا من قلبه، لا من حيث هي امرأة يعشق جمالها الحسي الفاني، ولا من حيث هي موضع لشهوة أو هوى، بل من حيث هي رمز لذلك الجمال الشامل المتجلى فيها في صورة كاملة، فإذا بثها حبه وأشواقه، إنما يتجه بحبه وأشواقه إلى الذات الإلهية التي هي صورة من صورها، وإذا وصفها بما يصف به الغزلون من الشعراء محبوباتهم، فإنما يصف ذلك الرمز مكنيا به عن الحقيقة الكلية التي وراءه.
ولذا كانت لغة «ترجمان الأشواق» لغة رمزية اصطلاحية يجب تأويلها وصرفها عن ظاهرها، وهذا ما فعله ابن عربي عندما أنكر عليه بعض فقهاء حلب ما ذكره في «الترجمان» عن غادة مكة، فكتب شرحا صوفيا على الديوان سماه «ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق».
Bilinmeyen sayfa