Arap Dünyasında Çeviri: Gerçekler ve Zorluklar - Açık İstatistiksel Karşılaştırma Işığında
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
Türler
ووضع المصطلح في لغة عربية، أو ترجمته إلى أي لغة، هو نوع من التقدمة التي يقدمها المؤمن الصادق على المذبح في محراب العلم المؤسسي، متوقعا طرفا آخر يقبله ويجد فيه اتساقا مع حاجته، ويكتمل بهذا طرفا الحوار اجتماعيا. وبذا يأخذ المصطلح مكانه ممارسة تكفل له الحياة في سياق اجتماعي؛ فاللغة ليست مفردات، وإنما هي نسيج خطاب مجتمعي غير منفصل عن نسيج الحياة الذي هو مجلى هذا الخطاب. وهكذا تكون حياة اللغة رهن نشاط اجتماعي هادف، وإلا فقد الخطاب الاجتماعي مبرر وجوده.
أقول هذا لأننا في مناقشاتنا لمسألة تعريب العلوم، وما أكثر ما قيل في هذا الاتجاه، نذهب إلى أن جوهر الأزمة عندنا هي أزمة تعريب أو صك مصطلحات وفق قواعد الاشتقاق اللغوي، وكأن العلم هو المصطلح فقط، وغاب عن الأذهان أن المصطلح نتيجة وليس سببا. إنه تلخيص أو تجريد موجز لحدث وقع، ومن ثم فإن السبب هو الفعل؛ أعني النشاط العلمي أولا حسب مقتضيات العصر. العلم كمؤسسة اجتماعية وركن أساسي في سدى ولحمة استراتيجية قومية للتطوير الحضاري؛ إذ في ظل هذا النشاط وبفضله ينشأ المصطلح وتجري لغة العلم على الألسن وتتشكل الرؤى. تتطور اللغة، وتتطور العقول، ويتطور واقع المجتمع على جميع المستويات. إننا نبرز قضية الشكل بينما جوهر الأزمة - في ظني - هو أزمة بطالة مصطلحية. قد تتوافر المصطلحات ولكنها عاطلة لم تتحول إلى مصطلحات شغالة اجتماعية؛ أي صيحة بلا عقل، ومن ثم ينعكس عليها حالنا من تشرذم وتباين وتعدد بلا رابط.
اللغة نشاط وتواصل معرفي
ليس مناط الأمر استنطاق القاموس، والتعسف أحيانا في التخريج اللفظي، بل الأمر أبعد من ذلك؛ إنه المفاد والدلالة والتمثل الذهني في ضوء نشاط فعلي وعقلي إنساني ييسر التعريف، وبذا يتكامل الخطاب الاجتماعي؛ ذلك لأن اللفظ أداة لتحقيق وظيفة أو في خدمة فعل اجتماعي يشتمل في آن واحد على رؤية إلى العالم، وعلى جهد بنائي أو إبداعي تطويري؛ فاللغة كما قال سوسير فعل اجتماعي
Social Act ؛ أي فعل من المجتمع وإليه، حيث المجتمع مؤسسة فاعلة وبنية متطورة.
ويقول عالم الفيزياء فيرنر هايزنبرج من واقع خبرته (في كتابه «الفيزياء والفلسفة»، ترجمة د. أحمد مستجير، المكتبة الأكاديمية، 1993م، ص119): إن العلم يرتكز على اللغة كوسيلة اتصال، وإننا نوسع اللغة إذ نوسع المعرفة العلمية. معنى هذا في رأيي أن المصطلح العلمي أساسي، ولكنه ليس علة وجود ذاته أو ليس وجودا كافيا بذاته، فضلا عن أنه ليس وحده هو المطلوب؛ لأنه لا يمثل بذاته لغة، وإنما قيمته تتحقق من توافر سياق لغة اتصال؛ أي لغة علم، وهو ما يعني بالتالي وجود مجتمع علمي، ثم يخلق هذا الصلة بينه وبين اللغة العادية بحكم الوظيفة الاجتماعية للعلم. ولغة العلم هي لغة تواصل، كما أنها أداة تصور العالم أيضا، وتعطي الصورة العلمية للعالم، ومن ثم فإن اتساع اللغة رهن باتساع النشاط المعرفي العلمي في المجتمع بعامة. هذا وإلا ظلت لغة العلم نوعا من الميتافيزيقا بالنسبة للمجتمع، وتجلت في لغة المجتمع بالمقابل ما يمكن أن نسميه ميتافيزيقا الغياب؛ أي غياب لغة العلم ورؤيته عن لغة المجتمع، وينقطع حبل التفاهم وتجمد حركة المجتمع.
المفهوم ودقة الدلالة
والحياة في ظل هذه الميتافيزيقا تجعلنا أسرى الشكل دون الدلالة؛ حيث يغدو المصطلح على المستوى الاجتماعي كلمة وليس فكرا، صيحة وليس فعلا، مفردات وليس وعيا.
نحن عادة عند ترجمة المصطلح العلمي نناقش دقة المصطلح لغويا، ولا نناقش علاقة المصطلح بالمفهوم أو الرؤية ودقة هذه العلاقة ومدى تطابقها. ولكن حيث إن المصطلح لبنة في لغة علم وثيقة الصلة - حسبما هو مفترض - باللغة الطبيعية، فلا بد وأن يكون المصطلح على لسان الباحث طرفا في حوار أو خطاب اجتماعي يحقق تواصلا عقلانيا، ويضيف إلى الممارسة الحياتية قوة، ويساهم في تدقيق الرؤية، وبذا يكون الاستخدام الصحيح للمصطلح ودقة بنائه عاملين أساسيين في رؤية للكون هي الرؤية الصحيحة حسب مقتضى العلم؛ أي رؤية عصرية. ولقد كانت مشكلة دقة التعريف أو التحديد الاصطلاحي إحدى مشكلات الفلسفة منذ القدم.
ولنا أن نسأل: ولكن لماذا نشأت هذه الحاجة إلى تدقيق العلاقة بين الكلمة والمفهوم وكذا الفهم على المستوى العام، أو مشكلة تحديد المفاهيم في اللغة؟ متى تبرز هذه المشكلة في مجتمع ما كمشكلة ملحة تتجاوز حدود الشكل إلى المضمون؟ وما نوع المجتمع الذي يضع في الصدارة مشكلة المعرفة ودقة المفهوم؟ ليس المجتمع الذي يعيش على الريع أو يأتيه رزقه منحة من الطبيعة أو من حيث لا يحتسب. إنه المجتمع الذي يتصف بكثافة النشاط العلمي وكثافة العمل الحياتي المنتج؛ حيث عدم الدقة يسبب مشكلات وأخطاء وأخطارا في الممارسة العملية. ففي هذا المجتمع تكون الكلمة تساوي الحياة، ويكون المصطلح يساوى المفهوم؛ أي إطارا معرفيا، ويتعذر فهمه أو قبوله أو تصوره إذا كان ضمن إطار مخالف؛ لأنه رهن إنجاز حقيقي واقعي عقلاني وقوة مؤثرة في بنية الثقافة العامة وسط نشاط عملي موضوعي لهذا المجتمع الخالق له.
Bilinmeyen sayfa