وبدأ الناس يتساءلون: من هؤلاء؟ إنهم ليسوا لصوصا، اللصوص لا يعيدون المسروقات إلى صاحبها. وهم ليسوا من الشرطة، فالشرطة لا تترك المجرمين المتلبسين دون أن تقبض عليهم. وهم ليسوا غرباء، فهم يعرفون اسم خطاب، ويعرفون لمن يعمل. وهم ليسوا من البلد، فلو كانوا من البلد ما خفي أمرهم على رجال زين، أملائكة هم أم بشر؟ إنس هم أم هم من الجن؟
ومن أهل البلد أعيان حلا لهم أن يروا العمدة في يومهم هذا، واختلق كل منهم سببا يذهب به إلى العمدة، وكان زين قد استطاع فيما أتيح له من وقت خلا فيه بنفسه أن يجمع ما تمزق منها، وما صدعته الحادثة، وما تشتت من فكره.
وجدوا العمدة راسيا كأن شيئا لم يقع، وراح يروغ بالحديث إلى شتى مسالك ومختلف سبل. لا يجرؤ أحد من زواره أن يسأله، وفيم السؤال؟ وكيف يستطيع أحدهم أن يقيم جملة متصلة الألفاظ تؤدي المعنى الذي يراد لها أن تؤديه؟ وعزم زين على أمر وقطع فيه الرأي، واستقر به الفكر. •••
وفي بيت سامي جلسوا جميعا ينتظرون فواز الشيمي الذي ما لبث أن جاء وقدم إلى سامي مبلغا من المال هو ثمن السلاح الذي أخذوه من رجال العمدة، وسأله سامي: كم؟ - خمسمائة وخمسون. - فيم تقترحون إنفاقها؟
قال شملول: الأمر لك.
قال سامي: إذن هي من نصيب محمود ونصيبك، فقد بعتما أرضكما بأبخس الأسعار، حتى تهربوا من الظلم.
وقال محمود: ألا نبقيها معك، فقد نحتاج إليها فيما نحن مقبلون عليه.
وقالت رشيدة: أبقها أنت معك، وإن احتجنا قلنا لك.
وقال شملول: ولكن ...
ويقطع سامي النقاش: انتهى أمر هذه الفلوس، ولننظر فيما هو آت ... فواز. - نعم. - تذهب الآن فورا إلى البلدة، وتعرف ماذا هم صانعون؟ - فورا . - لن يبيت أبي وهو لا يعلم عمن هاجموا العصابة شيئا. - أمرك. - ونحن هنا سننتظر عودتك، وقد أخذنا أهبتنا للتحرك لحظة عودتك. - أمرك ... سلام عليكم. - عليكم السلام.
Bilinmeyen sayfa