İhvan-ı Safa Yolu: İslami Gnostisizme Giriş
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Türler
هذا العلم المتواتر عن الرسول والمتوارث في سلسلة الأئمة، ينقطع عند الشيعة الاثني عشرية باختفاء الإمام المهدي الثاني عشر؛ لأن الإمامة قد توقفت باختفائه. أما الشيعة الإسماعيليون الذين استقلوا عن التيار الشيعي الرئيس بعد وفاة الإمام السادس جعفر الصادق، فقد تابعوا الإمامة عن طريق نسب ابنه الأكبر إسماعيل، الذي توفي قبل والده بعد أن أوصى له، وذلك في سلسلة غير منقطعة من الأئمة، ووصلوا بمفهوم الإمامة إلى أقصى نتائجه المحتملة، من خلال عقيدة تجعل الإمام في مركز الكون.
كما أثمر التأويل في الحلقات الصوفية والفلسفية، التي حرضها الفكر الشيعي على تثبيت مواقعها في مواجهة الفقهاء وأهل الحرف. وكان إخوان الصفا من بواكير الحلقات الفلسفية التي أسست لمذهب إسلامي كوني يقوم على التأويل والتفسير الدينامي للكتاب. والإخوان على تأثرهم بالاعتزال، وبالبيئة الشيعية التي صدروا عنها، إلا أنهم مستقلون عن الشيعة وعن المعتزلة وبقية المذاهب الإسلامية، ويتسم مذهبهم بالأصالة على الرغم من أن كل التيارات الفكرية والروحانية لعصرهم قد صبت فيه ورفدته. وقد مارس تأثيرا في الفلسفة الإسلامية التي بلغت طور النضج بعده، كما مارس تأثيرا على المذاهب الإسلامية التي تفرعت عن المذهب الشيعي، ولا سيما الإسماعيلية التي قامت فلسفتها السامقة على قاعدة مكينة من فكر إخوان الصفاء.
مقدمة
إخوان الصفاء وخلان الوفاء، جمعية سرية تأسست على الأغلب في مدينة البصرة حاضرة الثقافة الإسلامية، في زمن ما من النصف الأول من القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، وتركت لنا ميراثا فكريا وروحيا متميزا، بقيت آثاره فاعلة في الثقافة العربية عبر عصورها، يتمثل في اثنتين وخمسين رسالة لم يذكر مؤلفوها أسماءهم، تستغرق في الطبعات الحديثة نحو ألفين وخمسمائة صفحة، تبحث في شتى معارف عصرهم من فلسفة وعلوم وإلهيات، وتهدف إلى التأسيس لمذهب إسلامي ذي طابع كوني ، يستغرق المذاهب كلها ويوحد بينها. نقرأ في الرسالة 45، على سبيل المثال: «وبالجملة، ينبغي لإخواننا أيدهم الله تعالى، أن لا يعادوا علما من العلوم أو يهجروا كتابا من الكتب، ولا يتعصبوا لمذهب من المذاهب؛ لأن رأينا ومذهبنا يستغرق المذاهب كلها ويجمع العلوم جميعا.» وغايتهم من ذلك كله هي فهم الشرط الإنساني والعمل بما يوجبه هذا الفهم، من أجل حياة عقلية ونفسية وروحية متوازنة في هذا العالم، تعد الإنسان إلى الخلود الروحي في العالم الآخر.
يلف الغموض نشأة هذه الجماعة وتنظيمها وعدد أعضائها، على الرغم من أنها نشطت في عصر حكم الأسرة البويهية في بغداد، وهي فترة موثقة لنا تمام التوثيق. وقد تضاربت فيها أقوال القدماء وتباينت الآراء، ومعظمها متأخر عن عصر الإخوان، وذلك عائد إلى الطابع السري للجماعة ولجوئها إلى التقية والستر، على انتشارها الواسع في جميع أرجاء العالم الإسلامي. وفي الحقيقة، فإنه لا يتوفر لنا إلا خبر تاريخي واحد يمكن الركون إليه، جاءنا عن المؤلف أبو حيان التوحيدي المعاصر للإخوان، وعلى وجه التحديد لمن ألف الرسائل منهم. فقد أورد التوحيدي في كتابه «الإمتاع والمؤانسة» وفي كتابه الآخر «المقابسات» هذه الحوارية التي جرت بينه وبين ابن سعدان وزير صمصام الدولة البويهي، نحو عام 372ه على الأرجح:
قال الوزير للتوحيدي: إني لا أزال أسمع من زيد بن رفاعة قولا يريبني، ومذهبا لا عهد لي به، وكناية عما لا أحقه، وإشارة إلى ما لا يتوضح شيء منه. يذكر الحروف ويذكر اللفظ، ويزعم أن الباء لم تنقط من تحت واحدة إلا لسبب، والتاء لم تنقط من فوق اثنتين إلا لعلة، والألف لم تمد إلا لغرض، وأشباه هذا. فما حديثه؟ وما شأنه؟ وما دخلته؟ وما خبرته؟ قد بلغني أنك كنت تغشاه وتجلس إليه وتكثر وتورق له ...
فقال التوحيدي: أيها الوزير، إنك كنت تعرفه قبلي قديما وحديثا بالتربية والاختبار والاستخدام، وله منك الأخوة القديمة والنسبة المعروفة.
قال الوزير: دع هذا وصفه لي.
قال التوحيدي: هناك ذكاء غالب، وذهن وقاد، ويقظة حاضرة، وسوانح متناحرة، ومتسع في فنون النظم والنثر ... وتبصر في الآراء والديانات، وتصرف في كل فن ...
قال الوزير: فعلى هذا ما مذهبه؟
Bilinmeyen sayfa