İhvan-ı Safa Yolu: İslami Gnostisizme Giriş
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Türler
19 (50: 4، 269-270).
ويختم الإخوان حديثهم عن الأعياد بنص أكثر غموضا عن قربان إخوان الصفاء: «واعلم أيها الأخ أن القربان كما ذكرنا قربانان: شرعي وفلسفي لا ثالث لهما. فأما القربان الشرعي فهو المأمور به في الحج من ذبح الحيوانات المذكورة الموصوفة على شرائطها ... وأما الفلسفي فهو مثل ذلك إلا أن النهاية فيه التقرب بالأجساد إلى الله سبحانه بتسليمها إلى الموت وترك الخوف، كما فعل سقراط لما شرب السم المذكورة قصته في كتاب فأذن، وكاستبشار أرسطاطاليس لما نزل الموت به لما حزن عليه تلامذته وما كان من خطابه به ووصيته المذكورة في رسالة التفاحة .
واعلم أيها الأخ أن أعظم القرابين هو ترك النفس محبة الدنيا، والزهد فيها، وقلة الخوف من الموت وتمنيه.
وأما قربان إخوان الصفاء فهو قربان يجمع هذه الخصال كلها بأسرها شرعيها وفلسفيها، وهو التقرب بما تقرب به إبراهيم من الكبش الممنون به عليه فداء لولده الذي قد رعى في أرض الجنة أربعين خروفا. فإن تمكنت أن تتقرب بكبش رعى في أرض الجنة ولو شبرا، فافعل ولا تقعد عنه، واجتهد في ذلك لتكون قد بلغت المجهود وأقمت المثل، وعمرت عالم الله تعالى. وأرجو أن يوفقك الله لفهم ما تسمع ويجعلك من أهله» (50: 4، 270-271).
الظاهر والباطن
تتخلل ثنائية الظاهر والباطن رسائل الإخوان من أولها إلى آخرها، وكل ما في الوجود له ظاهر وباطن بما في ذلك الإنسان الذي يمتلك جسدا ظاهرا ونفسا خفية: «اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، بأن الإنسان لما كان هو جملة مجموعة من جسد جسماني ونفس روحانية، وهما جوهران متباينان في الصفات، متضادان في الأحوال، ومشتركان في الأفعال العارضة والصفات الزائلة، صار الإنسان من أجل جسده الجسماني مريدا للبقاء في الدنيا متمنيا الخلود فيها، ومن أجل نفسه الروحانية صار طالبا للدار الآخرة متمنيا للبلوغ إليها. وهكذا أكثر أمور الإنسان وتصرف أحواله مثنوية متضادة، كالحياة والممات والنوم واليقظة والعلم والجهالة» (7: 1، 259). «فلما كان الإنسان هو جملة مركبة من جسد جسماني ظاهر جلي، ومن نفس روحانية باطنة خفية، صارت أحكام الدين والإسلام وحدود الشريعة على وجهين ظاهر وباطن. والظاهر هو أعمال الجوارح، والباطن هو اعتقادات الأسرار في الضمائر، وهو الأصل، كما قال، عليه السلام: الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى» (42: 3، 486). «فاعلم يا أخي بأن لكل شيء من الموجودات في هذا العالم ظاهرا وباطنا. وظواهر الأمور قشور وعظام، وبواطنها لب ومخ، وأن الناموس هو أحد الأشياء الموجودة في هذا العالم منذ كان الناس، وله أحكام وحدود ظاهرة بينة يعلمها أهل الشريعة وعلماء أحكامها من الخاص والعام، ولأحكامه وحدوده أسرار وبواطن لا يعرفها إلا الخواص منهم والراسخون في العلم» (9: 1، 328). «ثم اعلم، أيدك الله ، أن علم الدين وآدابه وما يتعلق به نوعان: فمنها ظاهر جلي، ومنها ما هو باطن خفي، ومنها ما هو بين ذلك. وأولى ما يصلح للعامة من حكم الدين وآدابه ما كان ظاهرا جليا مكشوفا، مثل علم الصلاة والصوم، والزكاة والصدقات ... وما شاكلها تعليما وتسليما وإيمانا. وأولى علوم الدين بالمتوسطين بين الخاصة والعامة هو التفقه في أحكامها، والبحث عن السيرة العادلة، والنظر في معاني الألفاظ مثل التفسير والتنزيل والتأويل، والنظر في المحكمات والمتشابهات، وطلب الحجة والبرهان، وأن لا يرضى من الدين تقليدا إذا كان يمكنه الاجتهاد ودقة النظر.
والذي يصلح للخواص البالغين في الحكمة الراسخين في العلوم من علم الدين أن يطلبوه ... هو النظر في أسرار الدين وبواطن الأمور الخفية، وأسرارها المكنونة التي لا يمسها إلا المطهرون ... وهي البحث عن مرامي أصحاب النواميس في رموزهم وإشاراتهم اللطيفة، المأخوذة معانيها عن الملائكة، وما تأويلها وحقيقة معانيها الموجودة في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وصحف الأنبياء عليهم السلام، من الأخبار عن بدء كون العالم وخلق السماوات في ستة أيام، ثم استوى على العرش، وخلق آدم الأول الترابي، وأخذ الميثاق عليه وعلى ذريته، وعتاب الملائكة لربها ... وما شاكل هذه الإشارات والمرامي عن أمور قد مضت مع الزمان وانقضت مع الأيام، وما ينتظر في المستقبل كالمكث في البرزخ، والبعث والقيامة ... وما شاكل هذه الأمور المذكورة في كتب الأنبياء» (42: 3، 511). «واعلم أن الله تعالى جعل الدين طريقا من الدنيا إلى الآخرة، وجعل في قوام الدين صلاحا للدنيا والآخرة جميعا. وذلك أن الدين له ظاهر وباطن وقوامه بها جميعا. فمن الناس من لا يريد بتمسكه بالدين إلا صلاح الدنيا ومنافعها، فيحرص في أحكام الدين وشريعته من الصلاة والصوم وما شاكلهما، ويرائي الناس وبذلك يطلب منافع الدنيا، فيكون في حفظه أحكام الدين قوام له، كما قيل: إن الله ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. ومن الناس من يريد الدنيا لطلب الآخرة وصلاح المعاد، فهم يزهدون في الدنيا ويتركون الشرور، ويؤدون الأمانات سرا وإعلانا، ويعاملون الناس بالصدق ... وفي ذلك صلاح أمر الدنيا والآخرة جميعا» (42: 3، 492). «اعلم أن اعتقادات الناس كثيرة لا يحصى عددها إلا الله تعالى، ولكن لا تخرج كلها من ثلاثة أنواع: فمنها ما يصلح للخاص دون العام، ومنها ما للعام دون الخاص، ومنها ما بين الخاص والعام» (42: 3، 452). وذلك بحسب استعداداتهم لفهم ما يلقى إليهم: «واعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه لما كان العقلاء متفاوتي الدرجات في ذكاء نفوسهم، وصفاء أذهانهم وجودة تميزهم، صاروا أيضا متفاوتي الدرجات في العلوم والمعارف. ولما كان الأمر كما وصفنا، لم يكن أن يخاطبوا بصريح الحقائق خطابا واحدا، إلا بألفاظ مشتركة المعاني، ليحمل كل ذي لب وعقل وتمييز بحسب طاقته واتساعه في المعارف والعلوم، كما ذكر الله، جل ثناؤه، بقوله على سبيل المثال:
أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ...
20
قال المفسرون معنى هذه الآية وتأويلها أنه أنزل القرآن من السماء إلى الأرض، كما أنزل المطر من الغيم، فاحتملت القلوب من علم القرآن بحسب اتساعها في المعارف وصفاء جواهر النفوس، كما تحمل الأودية من سيل المطر بحسب سعتها وجريانها. ثم افهم أن لفظ القلب ليس هو قطعة لحم صنوبري الشكل، المعلقة من الصدر الموجود في أكثر الحيوانات؛ وليس المراد من القلب ها هنا ذاك، بل مراد إخواننا أمر وراء ذلك وهي النفس» (38: 3، 299-300).
Bilinmeyen sayfa